للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ يَقُولُ: (وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيهِ إلى أُذُنَيهِ) "إِنَّ الْحَلال بَيِّنٌ وَإِن الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَينَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ الناسِ

ــ

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وأهوى النعمان) أي والحال أنه أهوى النعمان (بإصبعيه) السبابتين أي مدهما (إلى أذنيه) ليأخذهما إشارة إلى استيقانه بالسماع وتأكيدًا لسماعه منه صلى الله عليه وسلم وقال الحافظ في الفتح [١/ ١١٧] وفي هذا رد لقول الواقدي ومن تبعه إن النعمان لا يصح سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على صحة تحمل الصبي المميز لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات وللنعمان ثمان سنين.

ثم قال: ادعى أبو عمرو الداني أن هذا الحديث لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير النعمان بن بشير فإن أراد من وجه صحيح فمسلم وإلا فقد رويناه من حديث ابن عمر وعمار في الأوسط للطبراني، ومن حديث ابن عباس في الكبير له ومن حديث واثلة في الترغيب للأصبهاني وفي أسانيدها مقال، وادعى أيضًا أنه لم يروه عن النعمان بن بشير غير الشعبي وليس كما قال فقد رواه عن النعمان أيضًا خيثمة بن عبد الرحمن عند أحمد وغيره وعبد الملك بن عمير عند أبي عوانة وغيره وسماك بن حرب عند الطبراني لكنه مشهور عن الشعبي رواه عنه جمع جم من الكوفيين ورواه عنه من البصريين عبد الله بن عون وقد ساق البخاري إسناده في البيوع اهـ. (إن الحلال بين) أي ظاهر بأدلته (وإن الحرام بين) بأدلته (وبينهما) أمور (مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس) ليس المعنى كل ما هو حلال عند الله تعالى فهو بيّن بوصف الحل يعرفه كل أحد بهذا الوصف وإن ما هو حرام عند الله تعالى فهو كذلك وإلا لم تبق المشتبهات وإنما معناه أن الحلال من حيث الحكم تبين بأنه لا يضر تناوله وكذا الحرام بأنه يضر تناوله أي هما بيِّنان يعرف الناس حكمهما لكن ينبغي أن يعلم الناس حكم ما بينهما من المشتبهات بأن تناوله يُخرج من الورع ويُقرّب إلى تناول الحرام وعلى هذا فقوله: الحلال بين والحرام بيّن اعتذار عن ترك ذكر حكمهما اهـ سندي على النسائي، قال القرطبي: يعني أن كل واحد منهما مبين بأدلته في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تأصيلًا وتفصيلًا فمن وقف على ما في كتاب الله والسنة من ذلك وجد فيهما أمورًا جلية التحليل وأمورًا جلية التحريم وأمورًا مترددة بين التحليل والتحريم وهي التي تتعارض فيها الأدلة فهي المتشابهات وقد اختلف في حكمها وقيل: مواقعتها حرام لأنها توقع في

<<  <  ج: ص:  >  >>