الواقع في قدر الزيادة ففي رواية وزادني قيراطًا، وفي أخرى درهمًا، فالقيراط هو ذهب وصرفه درهم، هذا تلخيص ما يحتاج إليه من كلامه في جمع ما وقع في مسلم من الروايات المختلفة المتعارضة لكن يبقى النظر في الجمع بين كون الزيادة قيراطًا وكونها أوقية فيحتمل أن القيراط رجحان في الوزن والأوقية زيادة، ويحتمل أن القيراط هو نفس الأوقية الزائدة لأن قيراط الذهب لم يكن معلوم الوزن عندهم وقتئذٍ كما أن أوقيته لم تكن معلومة عندهم وقتئذٍ على ما ذكره الداوودي والله أعلم، والجمع بهذا الذي لخصناه جلي حسن ولا تكلّف فيه اهـ من الأبي.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث: الأول: حديث ابن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني: حديث جابر الأول ذكره للاستشهاد به لحديث ابن مسعود، والثالث: حديث النعمان بن بشير ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والرابع: حديث جابر الأخير ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه تسع متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
(واعلم) أيضًا أن في حديث جابر هذا فوائد كثيرة:
(١) منها هذه المعجزة الظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في انبعاث جمل جابر وإسراعه بعد إعيائه. و (٢) منها جواز طلب البيع ممن لم يعرض سلعته للبيع. و (٣) منها جواز المماكسة في البيع وسبق تفسيرها. و (٤) منها استحباب سؤال الرجل الكبير أصحابه عن أحوالهم والإشارة عليهم بمصالحهم. و (٥) منها استحباب نكاح البكر. و (٦) منها استحباب ملاعبة الزوجين. و (٧) منها فضيلة جابر في أنه ترك حظ نفسه من نكاح بكر واختار مصلحة أخواته بنكاح ثيب تقوم بمصالحهن. و (٨) منها استحباب الابتداء بالمسجد وصلاة ركعتين فيه عند القدوم من السفر. و (٩) منها استحباب الدلالة على الخير. و (١٠) منها استحباب إرجاح الميزان فيما يدفعه. و (١١) منها أن أجرة وزن الثمن على البائع. و (١٢) منها التبرك بآثار الصالحين لقوله: لا تفارقه زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. و (١٣) منها جواز تقدم بعض الجيش الراجعين بإذن الأمير. و (١٤) منها جواز الوكالة في أداء الحقوق ونحوها. وفيه غير ذلك مما سبق والله أعلم اهـ نووي.