عبد الرزاق في مصنفه [٨/ ٦] عن ابن المسيب أنه سُئل عن سلف الحنطة والكرابيس والثياب فقال: "ذرع معلوم إلى أجل معلوم، والحنطة بكيل معلوم إلى أجل معلوم" وهو صريح في أنه يقول بجواز السلم في المذروعات فضلًا عن المقذرات فَلْيُتَنَبَّه اهـ من التكملة. قال ملا علي: قوله: (وهم يُسلِفُون) أي يعطون الثمن في الحال ويأخذون السلعة في المال، وقوله:(السنة والسنتين) وفي المشكاة زيادة (والثلاث) وهو من روايات البخاري فقال ملا علي: منصوبات إما على نزع الخافض أي يشترون إلى السنة أو إلى السنتين، واما على المصدر أي إسلاف السنة الخ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أسلف) وفي المشارق: من أسلم، قال ابن الملك في شرحه: أي من أراد أن يعقد عقد السلم وهو عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلًا، وفي رواية: من أسلم (في تمر) بدل أسلف معناهما واحد كما مر آنفًا، والسلف في البيع كالسلم وزنًا ومعنى، سُمي سلما لتسليم رأس المال دون قبض عوضه، وسُمي سلفا لتقديم رأس المال دون عوض ذكره القاضي، وفي بعض النسخ في ثمر بالمثلثة وهو أعم وإنما جرى ذكر التمر في هذه الرواية لأنه غالب ما يسلم فيه عندهم اهـ. وأجمع المسلمون على جواز السلم، والذمة وصف قائم بالإنسان يصلح للإلزام والالتزام وينخرب بالموت والسفه (فليسلف) أي فليسلم (في كيل معلوم) إن كان المسلم فيه من المكيل كالتمر والزبيب والحبوب (ووزن معلوم) إن كان من الموزون كالنقدين وما كبُر من الثمار على تمر مؤجلا تسليمه (إلى أجل معلوم) وفي هذا دلالة على وجوب الكيل أو الوزن وتعيين الأجل من المكيل والموزون وأن جهالة أحدهما مفسدة للبيع اهـ مرقاة، والواو في قوله ووزن معلوم بمعنى أو وإلا فيلزم الجمع في السلم الواحد بين الكيل والوزن وليس كذلك بالإجماع اهـ من المبارق.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٢١٧]، والبخاري [٣٢٣٩]، وأبو داود [٣٤٦٣]، والترمذي [١١ ١٣١]، والنسائي [٧/ ٢١٠].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال: