(قال) أبو سعيد الخدري (وفي) أولئك (القوم) الوافدين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعني وفد عبد القيس (رجل أصابته جراحة كذلك) أي بسبب سُكْرِ ضَاربهِ من شرب النبيذ والكاف بمعنى الباء السببية متعلقة بمحذوف صفة لجراحة، أي جراحة واقعة بسبب سكر ضاربه، قال القاضي عياض: اسم ذلك الرجل جهم بن قثم، وكانت جراحته في ساقه وهذا الرجل ليس هو أشج عبد القيس لأنَّ اسمهما مختلف كما ذكر هنا وفيما تقدم ولأن الأصل في الشجاج أن لا يكون إلا في الرأس أو في الوجه وهذا جراحته في ساقه، وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (حتى إن أحدكم ليضرب ابن عمه) علم من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم - إذ أخبر عن مغيب وقع ولم يواجه الرجل بذلك على عادته في الستر، قال أبو سعيد الخدري (قال) ذلك الرجل الذي به جراحة (وكنت) أنا (أخبؤها) أي أسترها أي أستر تلك الجراحة بثيابي (حياء) أي خجلًا وخوفًا (من) اطلاع (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) عليها قال ذلك الرجل الجريح (فقلت) أنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نهانا عن الانتباذ في الأواني الأربع يا رسول الله (ففيم) أي ففي أي إناء ننتبذ و (نشرب يا رسول الله) و (مَ) في قوله ففيم استفهامية في محل الجر بفي مبني بسكون على الألف المحذوفة فرقًا بينها وبين ما الموصولة إذا دخل عليها حرف جر نظير قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}[النبأ: ١] الجار والمجرور متعلق بنشرب (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جواب سؤاله انتبذوا واشربوا (في أسقية الأدم) أي في أواني الجلود المدبوغة والإضافة في قوله: في أسقية الأدم بمعنى من البيانية نظير باب ساج وخاتم حديد، والأسقية جمع سقاء كأكسية جمع كساء وهو إناء يتخذ من جلد السخلة يكون للماء واللبن، والأدم بفتحتين وكذا الأُدم بضمتين كما هو القياس جمع أديم وهو الجلد التام الدبغ، قال السيرافي: لم يجمع فعيل على فعل إلا في أديم وأدم وأفيق وأفق وقضيم وقضم والأفيق الجلد غير التام الدبغ، والقضيم الصحيفة التي لم تكتب (التي يلاث) ويلف الخيط (على أفواهها) وتربط به.
قال النواوي: وأما يلاث فبضم المثناة من تحت وتخفيف اللام آخره ثاء مثلثة كذا ضبطناه وكذا هو في أكثر الأصول، وفي أصل الحافظ أبي عامر العبدري تُلاث بضم