للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي. وَقَال: "يَا عُمَرُ، أَلا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟ " وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ، يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ

ــ

الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة لأن النصوص الصريحة لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة فإذا أُهمل الاستنباط فات القضاء في معظم الأحكام النازلة أو في بعضها والله تعالى أعلم اهـ فقد أغلظ عليّ في الكلالة وعنفني في ترك الاستنباط فيها (حتى طعن بإصبعه في صدري) وهذا الطعن مبالغة في الحث على النظر والبحث وأن لا يرجع إلى السؤال عنها مع التمكن من البحث والاستدلال ليحصل على رتبة الاجتهاد ولينال أجر من طلب فأصاب الحكم ووافق المراد اهـ من المفهم (وقال يا عمر) أي ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أ) تسألني عن الكلالة وتركت البحث عنها و (لا تكفيك) في بيان معنى آية الكلالة الأولى التي في أوائل سورة النساء (آية الصيف) بالرفع فاعل تكفيك أي ألا تكفيك في بيان الأول الآية الثانية التي نزلت وقت الصيف والحر (التي في آخر سورة النساء) وهي قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} يعني بها آخر سورة النساء فإنها نزلت في الصيف وإنما أحاله على النظر في هذه الآية لأنه إذا أمعن النظر فيها علم أنها مخالفة للآية الأولى في الورثة وفي القسمة فيتبين من كل آية معناها ويرتب عليها حكمها فيزول الإشكال والله يعصم من الخطإ والضلال اهـ من المفهم، وهذا الحديث دل على أن آخر آية من سورة النساء نزلت في فصل الصيف، وقد ذكر يحيى بن آدم بلاغًا أنها نزلت في الصيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى مكة، راجع أحكام القرآن للجصاص [٢/ ١٠٥] وقال الخطابي في معالم السنن [٤/ ١٦٢] فإن الله سبحانه أنزل في الكلالة آيتين إحداهما في الشتاء وهي التي نزلت في أوائل سورة النساء وفيها إجمال وإبهام ثم أنزل الآية الأخرى في الصيف وهي التي في آخر سورة النساء وفيها من زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء اهـ.

ثم قال عمر رضي الله عنه (وإني) لـ (إن أعش) في الدنيا ولم أمت وطالت بي الحياة (أقض) أي أحكم (فيها) أي في الكلالة (بقضية) واضحة وحكمًا بينًا ظاهرًا (يقضي) ويحكم (بها) أي بتلك القضية (من يقرأ القرآن) ويعرف معانيه (ومن لا يقرأ القرآن) ولا يعرف معانيه، وفي رواية همام بن يحيى عن قتادة عند أحمد [١/ ١٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>