للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقُضِيَ لِي تَمَامُهُ، كَانَ أَوَّلُ مِنْ يُصِيبُهُ نَفْعُ ذَلِكَ إِيَّايَ خَاصَّةً قَبْلَ غَيْرِي مِنَ النَّاسِ؛

ــ

(وقُضِيَ لي) أي: حُكِمَ لي من الله سبحانه (تمامُه) أي: تمامُ ذلك التلخيصِ الذي عَزَمْتُ على ابتدائه (. . كان أَوَّلُ مَنْ يُصِيبُه) ويَصِلُ إليه (نَفْعُ ذلك) التلخيصِ وثمرتُه وفائدتُه، برَفْعِ (أَوَّلُ) على أنه اسمُ كان (أيَّايَ) لا غيري، يعني نَفْسَه، وهو في محل نصب خبر كان.

وقولُه: (خاصَّةً) مصدرٌ في محلّ الحال من ضمير إيَّاي، ولكنه على تأويل مشتق؛ أي: كان أولُ مَنْ يُصِيبُه نفعُ ذلك إياي حالةَ كوني مخصوصًا بوصول نفع ذلك التلخيص إليَّ أولًا (قبلَ) وصوله إِلى (غيري من) سائرِ (النَّاسِ) الذين أنتَ منهم أيها السائل لهذا التلخيص.

وعبارة السنوسي هنا: (قولُه "عُزِمَ" بضم العين، وظاهرٌ أَنَّ الفاعلَ المُسْنَدَ إِليه العزمُ في الأصل هو الله تعالى؛ وتُعقّب بأنه لا يُسْنَدُ العزمُ إِلى الله تعالى؛ إِذِ المتبادرُ من العزم حصولُ خاطِر تصميمٍ في الذهن لم يكن قبلُ، قلتُ: ولهذا فَشَّرُوه بالجزم بعد التردُّد، وهذا مُحَالٌ في حقّه عزَّ وجلَّ، وأُجيبَ بأَنَّ المُرَادَ: لو سُهِّلَ لي سبيلُ العَزْمِ وخُلِقَ فيَّ قدرةٌ عليه، قلتُ: فيكون مجَازًا من باب التعبير بالمسبّب عن السبب، فإنَّ العَزْمَ ناشئٌ عن خَلْق الله تعالى ومسبّب له.

وقيل: هو عبارةٌ عن الإِرادة فيكون المعنى: لو أراد اللهُ تعالى لي ذلك، وقيل معناه: المرادُ لو أُلْزِمْتُ؛ فإن العزيمة بمعنى اللُّزوم) اهـ (١).

وجملةُ كان من اسمها وخبرها جوابُ لو الشرطيةِ، وجملةُ لو من فعلِ شرطِها وجوابِها خبرُ أنِ المخفَّفة، وجملةُ أنِ المخففة من اسمِها وخبرها في تأويلِ مصدرٍ سادٍّ مسدَّ مفعولَي ظَنَّ، تقديرُه: وظَنَنْتُ حين سألتَني تَحَمُّلَ مشقَّةِ ذلك التلخيصِ كوني خاصة أول مَنْ يُصِيبُه نَفْعُ ذلك لو عُزِمَ لي على ابتدائه وقُضِيَ لي تمامه من الله تعالى.


(١) "مكمل إِكمال الإِكمال" (١/ ٥)، وانظر "صيانة صحيح مسلم" (ص ١١٩ - ١٢٠)، و"شرح مسلم" للنووي (١/ ٤٦)، و"المعلم بفوائد مسلم" (١/ ١٨٢)، و"إكمال المعلم" (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>