هذا كله في أول الإسلام، وقد حُكي أن الحر كان يُباع في الدين في ذلك الوقت كما قد رواه البزار من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له سُرّق، ثم نُسخ ذلك كله بقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠] اهـ من المفهم.
(فلما فتح الله) تعالى (عليه) صلى الله عليه وسلم (الفتوح) والغنائم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى) وأحق (بالمؤمنين) أي برعاية مصالحهم في الدين والدنيا والآخرة (من أنفسهم) وأعلم بمضارهم ومنافعهم (فمن توفي) بالبناء للمجهول أي مات منهم (وعليه دين) سواء كان لله أو لآدمي (فعليّ قضاؤه) أي أداء ذلك الدين عنه، وكان ذلك من خالص ماله، وقيل من بيت المال قاله الكرماني (ومن ترك مالًا) قل أو كثر (فهو) أي فذلك المال مقسوم (لورثته) لا حظ لي فيه.
قال القرطبي: قوله: (وعليه دين) يعم الديون كلها ولو افترق الحال لتعين التنويع أو السؤال ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تبرع بالتزام ذلك على مقتضى كرم أخلاقه لا أنه أمر واجب عليه، وقال بعض أهل العلم: بل يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد صرح بوجوب ذلك عليه حيث قال: فعليّ قضاؤه ولأن الميت الذي عليه الدين يخاف أن يُعذّب في قبره على ذلك الدين كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث دُعي ليصلي على ميت فأُخبر أن عليه دينًا ولم يترك وفاءً فقال: "صلوا على صاحبكم" فقال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعليّ دينه فصلى عليه ثم قال له: "قم فأده عنه" فلما أدى عنه، قال صلى الله عليه وسلم:"الآن حين برُدت عليه جلدته" رواه أحمد [٣/ ٢٣٠]، والبيهقي [٦/ ٧٤ و ٧٥]، والحاكم [٢/ ٥٨] وكما كان على الإمام أن يسد رمقه ويراعي مصلحته الدنيوية كان أحرى وأولى أن يسعى فيما يُرفع عنه به العذاب الأخروي اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٩٠]، والبخاري [٢٣٩٨]، وأبو داود [٢٩٥٥]، والنسائي [٤/ ٦٦]، وابن ماجه [٢٤١٥].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: