وقولُهُ (مثل ما تريد من) هـ (إذا) الغلام يعني النعمان من البر بدلٌ من البر أو عطف بيان منه أي أليس تريد منهم برًا مثل البر الَّذي تريد من النعمان (قال) أبي (بلى) أريد منهم برًا مثل بره وبلى هنا على معناها وهو نفي النفي الَّذي هو الإثبات لوقوعها بعد النفي فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: عملك هذا جور (فإني لا أشهد) على جور (قال) عبد الله (بن عون) بالسند السابق (فحدّثت به) أي بهذا الحديث الَّذي سمعته من الشعبي (محمدًا) ابن سيرين (فقال) لي محمد: (أنما تحدثنا) أي إنما سمعنا من النعمان (أنَّه) صلى الله عليه وسلم (قال) لأبيه بشير: (قاربوا بين أولادكم) قال القاضي: رويناه (قاربوا) بالباء من المقاربة وبالنون (قارنوا) من المقارنة ومعناهما صحيح؛ والمعنى أي سووا بينهم في أصل العطاء وفي قدره اهـ نووي، فيه دليل على أن التسوية بين الأولاد إنما تجب بقدر الوسعة ولا يجب على الإنسان التدقيق الشديد في ذلك وإنما التفضيل المكروه ما يغلب على الظن أنَّه يسوء الأولاد الآخرين والله أعلم.
قال القرطبي: وفي هذا الحديث ما يدل على الاحتياط في العقود بشهادات الأفضل والأكبر وعلى حض الأب على سلوك الطرق المفضية بابنه إلى بره ويجتنب ما يفضي إلى نقيض ذلك، وفيه دليل على أن حوز الأب لابنه الصغير ما وهبه له جائز ولا يحتاج إلى أن يحوزه غيره، فإن النعمان كان صغيرًا وقد جاء به أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحمله، قال عياض: ولا خلاف في هذا بين العلماء فيما يُعرف بعينه، واختلف المذهب فيما لا يُعرف بعينه كالمكيل والموزون كالدراهم هل يُجزئ تعيينه والإشهاد عليه والختم عليه في الحوز أم لا يجزئ ذلك حتَّى يخرجها من يده إلى غيره وأجاز ذلك أبو حنيفة وإن لم يخرجه من يده، وكذلك اختلف في هبته له جزءًا من ماله مشاعًا.
(فائدة): واختلف العلماء فيما لم يُقبض من الهبات هل تلزم بالقبول أم لا حتَّى تُقبض فذهب الحسن البصري وحماد بن أبي سليمان وأبو ثور وأحمد بن حنبل إلى أنها لا تلزم بالقبول ولا تحتاج إلى حوز كالبيع، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا تلزم بالقبول