قال: جُعلت فداك انتهى (ماذا يصلح) ويحل (لنا من) الأواني أن ننتبذ فيه بـ (بالأشربة) أي أيُّ إناء يحل لنا الانتباذ فيه ونشرب فيه الأشربة (فقال) لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا تشربوا) ما انتبذتموه (في النقير) لأنه يتخمر ويُسْكِرُ (قالوا يا نبي الله جعلنا الله فداءك) ووقايتك عن كل مكروه والهمزة في قوله (أو تدري) للاستفهام التقريري داخلة على محذوف والواو عاطفة لجملة تدري على ذلك المحذوف والتقدير أتنهانا عن النقير وهل تدري وتعلم جواب (ما) هو (النقير) فما استفهامية في محل الرفع مبتدأ والنقير خبره (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (نعم) حرف تصديق يُجاب بها في الإثبات قائم مقام الجواب المحذوف أي أدري وأعلم جواب سؤال ما هو النقير، النقير هو (الجذع) أي أصل النخل (ينقر) ويُقور (وسطه) أي جوفه وداخله فيجعل إناء للماء وغيره (ولا) تشربوا (في الدباء) أي في إناء القرع المُر اليابس فهو وما بعده معطوفان على قوله في النقير (ولا) تشربوا (في الحنتمة) أي في إناء الجرة المطلية بالزجاج ونحوه وقوله (وعليكم) اسم فعل أمر منقول بمعنى الزموا (بالموكى) أي الزموا الشرب بما انتبذ في الإناء الموكى أي في السقاء الرقيق الذي يوكى ويُربط فمه بالوكاء، والوكاء الخيط الذي يربط ويشد به فم القربة والسقاء لئلا تدخله الهوام والحشرات فتفسد ما فيه من الماء واللبن والسمن مثلًا، قال النواوي: الموكى هو بضم الميم وإسكان الواو مقصور غير مهموز وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث ابن عباس وغرضه بسوقه الاستدلال به على الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث أبي سعيد الخدري وغرضه بسوقه الاستشهاد لحديث ابن عباس وذكر فيه متابعتين أيضًا واختار حديث ابن عباس في الاستدلال به على الترجمة لأنه أصح من حديث أبي سعيد الخدري لأنَّ حديث ابن عباس من المتفق عليه وحديث أبي سعيد انفرد به مسلم عن البخاري.
فصل
قال النواوي: هذا ما يتعلق بألفاظ هذا الحديث، وأما أحكامه ومعانيه فأنا أشير إليها ملخصة مختصرة مرتبة ففي هذا الحديث وفادة الرؤساء والأشراف إلى الأئمة عند