وهو العمر (أُعْمِر) بالبناء للمجهول فعل شرط لها ونائب فاعله يعود على رجل، و (عمرى) مفعول مطلق لأعمر (له) متعلق بمحذوف صفة لعمرى (ولعقبه) معطوف عليه والمعنى أي رجل أعطي عطاء كائنًا له مدة عمره ولعقبه بعد موته، والفاء في قوله:(فإنها) رابطة لجواب الشرط وجوبًا لكون الجواب جملة اسمية أي فإن تلك العطية التي أعطيت له بصيغة عمرى مملوكة ملكًا مؤبدًا (للذي أعطيها) بالبناء للمجهول أي مملوكة للذي وهبها مدة عمره ولورثته بعد موته (لا ترجع) بصيغة المعلوم مع التأنيث وقيل: بالتذكير أي لا تصير تلك العطية أبدًا (إلى الَّذي أعطاها) بصيغة العمرى (لأنه) أي لأن ذلك المعمر (أعطى) بالبناء للفاعل (عطاء وقعت فيه) أي تقع فيه (المواريث) أي الإرث لورثة الموهوب له يعني أنَّه لما جعلها للعقب فالغالب أن العقب لا ينقطع فلا تعود لصاحبها لذلك، والمعنى أنها صارت ملكًا للمدفوع إليه فيكون بعد موته لوارثه كسائر أملاكه ولا ترجع إلى الدافع كما لا يجوز الرجوع إلى الموهوب بصيغة الهبة مثلًا وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي سواء ذكر العقب أو لم يذكر، وقال مالك: ترجع إلى المعطي إن كان حيًّا وإلى ورثته إن كان ميتًا إذا لم يذكر عقبه اهـ مرقاة.
والعمرى على وزان حبلى تمليك الشيء مدة العمر اسم مصدر من أعمرتك الدار أي جعلتها لك مدة عمرك، وأفاد النووي: أنها تكون بثلاث صيغ إحداها أن يقول: أعمرتك هذه الدار فإذا مت فهي لورثتك ولا خلاف لأحد أنها هبة بعبارة طويلة فإذا مات فالدار لورثته فإن لم يكن له وارث فلبيت المال ولا تعود إلى الواهب، وثانيتها أن يقول: أعمرتك إياها مطلقًا بلا ذكر شيء بعده، وثالثها أن يضم إليه: فإذا مت عادت إليَّ وفيهما خلاف لكن مذهب الحنفية والصحيح من مذهب الشافعي الجواز وبطلان الشرط لإطلاق الأحاديث الواردة فيها، وفي المبارق قال مالك: العمرى في جميع صورها تمليك لمنافع الدار دون رقبتها والحديث حجة عليه اهـ والعقب بفتح العين وكسر القاف ويجوز إسكانه مع فتح العين ومع كسرها هم أولاد الرجل ما تناسلوا.
وقوله:(لا ترجع إلى الَّذي أعطاها) وفي الموطأ زيادة أبدًا ذكر الزرقاني أن هذا آخر المرفوع.