للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ. اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ. وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. لكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ"

ــ

ينتفع بك أقوام) بالبناء للمعلوم لأن الانتفاع لازم أي حتَّى ينتفع بك أقوام من المسلمين في دينهم ودنياهم بما يستفتح عليك من بلاد الشرك من الغنائم (ويُضر بك آخرون) من المشركين الذين يهلكون على يديك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم أمض) بقطع الهمزة يقال: أمضيت الأمر أي أنفذته والمعنى أتمم (لأصحابي هجرتهم) ولا تنقص عنهم من أجرهم شيئًا ولا تبطلها (ولا تردهم على أعقابهم) أي ولا ترجعهم إلى ورائهم برجوعهم إلى وطنهم وترك المقام بالمدينة إلى أن يموتوا بها، وإن كان قد ارتفع حكم وجوب أصلها عمن لم يهاجر يوم الفتح حيث قال: "لا هجرة بعد الفتح، متفق عليه، وقال: "إن الهجرة قد مضت لأهلها" متفق عليه، أي من كان هاجر قبل الفتح صحت له هجرته ولزمه البقاء عليها إلى الموت ومن لم يكن هاجر سقط عنه ذلك اهـ. مفهم.

(لكن البائس) يجوز أن تكون لكن مخففة والبائس مرفوعًا على الابتداء وأن تكون مشددة والبائس اسمها منصوب، و (سعد بن خولة) بالرفع خبر المبتدأ أو خبرها والبائس اسم فاعل من بئس يبأس إذا أصابه بؤس أي ضرر وحزن؛ والمراد به هنا فاعل بمعنى مفعول نظير قوله تعالى: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي مرضية كذا في عمدة القاري، والظاهر أنَّه ليس المراد من لفظ البائس كونه فقيرًا من حيث المال وإنما استعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة تحسرًا عليه وترحمًا له وتفجعًا عليه لموته بمكة في حجة الوداع في تلك الحجة التي مرض فيها سعد بن أبي وقاص، والظاهر أن هذا القول من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك قال المحدثون: انتهى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (لكن البائس سعد بن خولة) وأما قوله بعد ذلك: (رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن توفي بمكة) فظاهره أنَّه من كلام غير النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: هو قول سعد بن أبي وقاص وقد جاء ذلك في بعض طرقه وأكثر الناس على أنَّه مدرج من كلام الزهري والله تعالى أعلم اهـ من المفهم بتصرف وزيادة.

ومعنى هذا الكلام لكن المبؤوس عليه أي المتفجع عليه سعد بن خولة أي لكن الَّذي تفجعت وتوجعت عليه سعد بن خولة لموته بمكة بعد هجرته عنها في هذه الحجة لا أنت يا سعد بن أبي وقاص لعلك لا تموت في مكة ويطول عمرك حتَّى ينتفع بك أقوام

<<  <  ج: ص:  >  >>