بتخفيف الموحدة وتشديدها أي وقفت (أصلها) أي نخلها وأرضها على ملك الله تعالى وهذا على قول الجمهور، وقال أبو حنيفة: معناه حبسته على ملكك فلا تخرجها عن ملكك بالبيع والهبة (وتصدقت بها) أي بغلتها وحاصلها من حبوبها وثمارها وتصدقت بمنافعها يقال حبس الشيء في كذا إذا خصه له ومن هنا سُمي الوقف حبسًا وإن المتقدمين يستعملون للوقف لفظ الحبس عمومًا أخذًا بهذا الحديث وأما في اصطلاح المتأخرين فلفظ الوقف أكثر وأشهر.
فقالوا: الوقف لغة الحبس يقال: وقفت كذا حبسته، وشرعًا: حبس مال معين قابل للنقل يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه وقطع التصرف فيه على أن يصرف في جهة خير تقربًا إلى الله تعالى وأركانه واقف وموقوف وموقوف عليه وصيغة.
وقوله:(حبس) الخ فيه استيفاء الشروط والأركان فأشار بالحبس إلى الصيغة وهو يستلزم الواقف والموقوف عليه. وقوله:(مال) هو الموقوف. وقوله:(معين) الخ بيان للشروط فخرج بالمعين ما في الذمة والمبهم كأحد عبديه لعدم تعيينهما وبالقابل للنقل المستولدة والمكاتب كتابة صحيحة لأنهما لا يقبلان النقل، وأما المكاتب كتابة فاسدة فيصح وقفه لأنه يقبل النقل لجواز بيعه. وقوله:(يمكن الانتفاع به) أي سواء كان الانتفاع به في الحال أم لا كعبد وجحش صغيرين وخرج بذلك ما لا يمكن الانتفاع به نحو الحمار الزمن الذي لا يُرجى برؤه بخلاف ما يُرجى برؤه بزوال زمانته فيصح وقفه. وقوله:(مع بقاء عينه) أي ولو مدة قصيرة أقلها زمن يقابل بأجرة لو أوجر وخرج به ما لا يمكن الانتفاع به إلا بذهاب عينه كشمعة للوقود وريحان للشم وطعام للأكل فلا يصح وقف شيء من ذلك لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا مع ذهاب عينه. وقوله:(وقطع التصرف فيه) معطوف على حبس عطف تفسير فهو بالرفع إلى آخر ما هو مبسوط في كتب الفروع من الشروط والأحكام اهـ بيجوري. وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر:(وتصدقت بها) أي جعلت منافعها للفقراء، وقد وقع ذلك صريحًا في رواية يحيى بن سعيد عند الطحاوي ولفظها (تصدق بثمره وحبس أصله) وفي رواية عبد الله بن عمر عند النسائي: احبس أصلها وسبل ثمرتها، والتسبيل الإباحة كأنك جعلت عليه طريقًا مطروقة كذا في مجمع البحار، وقال السندي: قوله: وسبل بتشديد الباء أي اجعل ثمرتها في سبيل الله ومنه