(بنحو) أي بمثل (ما كنت) أنا (أجيزهم) وأعطيهم به (قال) سعيد بن جبير: (وسكت) ابن عباس (عن) ذكر الخصلة (الثالثة أو قالها) وذكرها ابن عباس (فـ) أنا (أُنسيتها) فالساكت هو ابن عباس والناسي هو سعيد بن جبير، قال المهلب: والثالثة هي تجهيز جيش أسامة كما سيأتي والشك من سعيد بن جبير.
قوله:(وأجيزوا الوفد) والوفد جمع وافد كصحب وصاحب وركب وراكب وجمع الوفد أوفاد ووفود والوفادة الاسم وهو القادم على القوم والرسول إليهم يقال: أوفدته أرسلته والإجازة العطية وهذا منه صلى الله عليه وسلم عهد ووصية لولاة المسلمين بإكرام الوفود والإحسان إليهم قضاء لحق قصدهم ورفقًا بهم واستئلافًا لهم وتطييبًا لنفوسهم وترغيبًا لغيرهم من المؤلفة قلوبهم ونحوهم وإعانة لهم على سفرهم، قال القاضي أبو الفضل: وسواء في ذلك عند أهل العلم كانوا مسلمين أو كفارًا لأن الكافر إنما يفد في مصالح المسلمين قال: وهذه سنة لازمة للأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم. قوله:(أو قال أُنسيتها) يريد سعيد بن جبير قال المهلب: الثالثة هي تجهيز جيش أسامة رضي الله عنه وقال غيره: ويحتمل أن تكون هي قوله: "لا تتخذوا قبري وثنًا" وقد ذكر مالك في الموطأ ما يدل على ذلك من حديث عمر فإنه قال فيه أول ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يَبْقَيَنَّ دينان بجزيرة العرب" رواه مالك [٢/ ٨٩٣] اهـ من المفهم.
قوله:(وأجيزوا الوفد) أيضًا يعني أعطوهم جائزة، والجائزة عطية من الكبير وقد ذكر الحافظ عن بعض العلماء: أن أصله أن ناسًا وفدوا على بعض الملوك وهو قائم على قنطرة فقال: أجيزوهم فصاروا يعطون الرجل ويطلقونه فيجوز على القنطرة متوجهًا فسُميت عطية من يقدم على الكبير جائزة. قوله:(بنحو ما كنت أجيزهم) أي بقريب منه وكانت جائزة الواحد على عهده صلى الله عليه وسلم أوقية من فضة وهي أربعون درهمًا كذا في فتح الباري [٨/ ١٠٣].
قوله:(وسكت عن الثالثة) وقد مر آنفًا عن النووي أن الساكت ابن عباس والناسي سعيد بن جبير ولكن الصحيح أن الساكت سعيد بن جبير والناسي سليمان الأحول وذلك لما أخرجه الحميدي في مسنده [١/ ٢٤١] في آخر هذا الحديث قال سفيان: قال