المشركين) أي اليهود (عن جزيرة العرب) وبلادهم يعني بالمشركين اليهود لأنه ما كان بقي مشرك في أرض العرب في ذلك الوقت غيرهم فتعينوا، وقد جاء في بعض طرقه:"أخرجوا اليهود من جزيرة العرب" مفسرًا, والجزيرة فعيلة بمعنى مفعولة وهي مأخوذة من الجزر وهو القطع ومنه الجزار والجزارة من الغنم والجزور من الإبل كل ذلك راجع إلى القطع، وسميت أرض العرب جزيرة لانقطاعها عن سائر الأقاليم بإحاطة البحار بها والحرار، وأُضيف إلى العرب لاختصاصهم بها ولكونهم فيها ومنها، واختُلف في حدها فقال الأصمعي: هي ما بين أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول، وفي العرض من جدة وما والاها إلى أطراف الشام، وقال أبو عبيد: هي ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن وما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة، وقال المخزومي عن مالك: هي مكة والمدينة واليمامة واليمن، وحكى الهروي عنه المدينة، والأول هو المعروف عنه فقال مالك: يخرج من هذه المواضع التي ذكر المخزومي كل من كان على غير دين الإسلام ولا يُمنعون من التردد بها مسافرين وكذلك قال الشافعي غير أنه استثنى من ذلك اليمن ويُضرب لهم أجل ثلاثة أيام كما ضربه لهم عمر حين أجلاهم، وقال الشافعي: ولا يدفن فيها موتاهم ويلجئون إلى الدفن بغيرها، وقد رأى الطبري أن هذا الحكم ليس خاصًّا بجزيرة العرب فقال: الواجب كل على إمام إخراجهم من كل مصر غلب عليه المسلمون إذا لم يكن من بلادهم التي صولحوا عليها إلا أن تدعو ضرورة لبقائهم بها لعمارتها فإذا كان ذلك فلا يدعهم في مصر مع المسلمين أكثر من ثلاث ليال وليسكنهم خارجًا عنهم ويمنعهم اتخاذ المساكن في أمصار المسلمين فإن اتخذوها باعها عليهم واستدل على ذلك بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "لا تبقى قبلتان بأرض العرب" رواه أبو داود والترمذي بلفظ "لا تكون قبلتان في بلد واحد" وبقول ابن عباس: "لا يساكنكم أهل الكتاب في أمصاركم" وبإخراج علي رضي الله عنه أهل الذمة من الكوفة إلى الحيرة قال: إنما خص جزيرة العرب في الحديث لأنه لم يكن للإسلام يومئذٍ ظهور إلا بها (قلت): وتخصيص الحكم بجزيرة العرب هو قول المتقدمين والسلف الماضين فلا يعدل عنه؟ ولم يعرج أبو حنيفة على هذا الحديث فأجاز استيطان المشركين بالجزيرة ومخالفة مثل هذا جريرة اهـ من المفهم (و) ثانيتها بقولي: (أجيزوا) أي أعطوا الجائزة والعطية (الوفد) أي الجماعة المختارة التي قدمت عليكم أيها الولاة