للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: "دَعُونِي. فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيرٌ. أُوصِيكُمْ بِثَلاثٍ: أَخْرِجُوا

ــ

محال لأن الله تعالى حفظه من حين بعثه إلى حين قبضه عما يخل بالتبليغ ألا تسمع قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم / ٣، ٤] وقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩] وقد شهد له بأنه على صراط مستقيم وأنه على الحق المبين إلى غير ذلك ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني في الغضب والرضا فإني لا أقول على الله إلا حقًّا" رواه أحمد، ولما علم أصحابه هذا كانوا يأخذون عنه ما يقوله في كل حالاته حتى في هذه الحالة فإنهم تلقوا عنه وقبلوا منه جميع ما وصى به عند موته وعملوا على قوله: "لا نورث" وبقوله: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" و"أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم" إلى غير ذلك ولم يتوقفوا ولا شكوا في شيء منه، وعلى هذا يستحيل أن يكون قوله: (أهجر) لشك عرض لهم في صحة قوله زمن مرضه وإنما كان ذلك من بعضهم على جهة الإنكار على من توقف في إحضار الكتف والدواة وتلكأ عنه فكأنه يقول لمن توقف كيف تتوقف أتظن أنه قال هذيانًا فدع التوقف وقرّب الكتف فإنه إنما يقول الحق لا الهجر وهذا أحسن ما يُحمل ذلك عليه فلو قدرنا أن أحدًا منهم قال ذلك عن شك عرض له في صحة قوله: كان خطأ منه وبعيد أن يقره على ذلك القول من كان هناك ممن سمعه من خيار الصحابة وكبرائهم وفضلائهم هذا تقدير بعيد ورأي غير سديد، ويحتمل أن يكون هذا صدر من قائله عن دهش وحيرة أصابته في ذلك المقام العظيم والمصاب الجسيم كما قد أصاب عمر وغيره عند موته صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم. قال بعضهم: ويحتمل أن يكون هذا من الهجر بضم فهو من الهذيان في الكلام كما يقع ذلك لمريض في شدة مرضه والمعنى عليه هل أمره هذا عزيمة أو هو من قبيل ما جرى على لسانه في حالة المرض دون أن يكون فيه عزيمة، ويحتمل أن يكون من الهجر بفتح الهاء بمعنى الفراق والمعنى عليه هل حان فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا المعنى الثاني أليق بسياق الكلام ودلالة الحال وحال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين اهـ من التكملة، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوني) أي خلوني عن اللغط واتركوني عن التنازع الذي أنتم فيه (فالذي أنا فيه) أي فالأمر الذي أنا فيه من مراقبة الله تعالى والتأهب للقائه والفكر في ذلك ونحوه (خير) مما أنتم فيه من التنازع وأفضل اهـ نووي، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (أوصيكم) أي آمركم بطريق الوصية (بثلاث) خصال إحداها بقولي: (أخرجوا

<<  <  ج: ص:  >  >>