مولاه (قال أبو بكر) بن أبي شيبة (ربما قال) لنا (وكيع) عند روايته هذا الحديث (عن ابن عباس أن معاذًا) بدل قوله في الرواية الأولى (عن معاذ بن جبل) أي ذكر (أن) المفتوحة المشددة بدل (عن) الجارة.
قال السنوسي: قوله (عن ابن عباس عن معاذ) في الطريق الأول وفي الآخر (أن معاذًا) إذا حدث صحابي عن صحابي فلا فرق بين عن وأنَّ في صحة الاتصال عند الأكثر، وقال جماعة: أن تقتضي الانقطاع لكنه مرسل صحابي فهو في حكم المتصل على المشهور خلافًا لأبي إسحاق الإسفراييني فاحتاط مسلم رحمه الله تعالى فذكر الأمرين انتهى.
قال النواوي هذا الذي فعله مسلم رحمه الله تعالى في نهاية التحقيق والاحتياط والتدقيق فإن الرواية الأولى قال فيها عن معاذ، والثانية أن معاذًا، وبين أن وعن فرق فإن الجماهير قالوا أن كعن فيحمل على الاتصال، وقال جماعة لا تلتحق أن بعن بل تحمل أن على الانقطاع ويكون مرسلًا ولكنه هنا يكون مرسل صحابي فله حكم المتصل على المشهور من مذاهب العلماء وفيه قول أبي إسحاق الإسفراييني أنَّه لا يحتج به فاحتاط مسلم رحمه الله تعالى وبين اللفظين والله أعلم. انتهى.
(قال) أي معاذ بن جبل قال (بعثني) وأرسلني (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إلى اليمن للدعوة إلى الله تعالى، وتعليم الشرائع كما بعث إلى كسرى وقيصر والنجاشي وملك البحرين وملك اليمامة وإلى جبلة بن الأيهم ملك غسان وإلى المقوقس القبطي ملك الأسكندرية فقارب المقوقس الإِسلام وأهدى إلى رسول الله بغلته الشهباء ومارية القبطية وأختها سيرين فاستولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مارية ولده إبراهيم، ووهب أختها لحسان بن ثابت شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فولدت له عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، ولم يكن في أولئك القوم الذين أرسل إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبح ردًّا من كسرى فإنَّه مزق كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم مزق ملكه" فمُزق كل ممزق فـ (ـقال) لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند التوديع مبينًا لي كيفية الدعوة (إنك) يا معاذ (تأتي