قومًا من أهل الكتاب) الأول التوراة والإنجيل وتذهب إليهم للدعوة إلى التوحيد والإِسلام، قال الأبي: الكتابي من أنزل على رسول قومه كتاب أو التزم أحكامه من غير المسلمين فيدخل فيه من تهود أو تنصر من المشركين، ويخرج من فعل ذلك من المسلمين لأنَّ المرتد لا يُقر، قال النواوي: ولما كان أكثر أهل اليمن أهل كتاب نبهه بقوله ذلك ليتهيأ لمناظرتهم، قال القرطبي: يعني اليهود والنصارى لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب أو أغلب، وإنما نبهه على هذا ليتهيأ لمناظرتهم ويُعِدَّ الأدلة لإفحامهم لأنهم أهل علم سابق بخلاف المشركين وعبدة الأوثان اهـ (فادعهم) أي فادع أولئك الكتابيين أولًا (إلي شهادة) وإقرار (أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) إلى كافة الناس.
قال القرطبي: احتج به من قال إن أول الواجبات الإقرار ولا يصح لأنَّ هذا الدعاء هو الذي يقدم بين يدي القتال، وقد اختلف في وجوب تقديمه، والحديث دليل عليه، قال الأبي:(فإن قال المحتج) لولا أنها أول الواجبات لم يقدمها (أُجيب) بأنها إنما قدمت لتوقف القتال عليها، والخلاف الذي في أول الواجبات إنما هو في أول الواجبات بعد البلوغ (فإن هم أطاعوا) وقبلوا (لذلك) الذي دعوتهم إليه من الإقرار بالشهادتين مع الإذعان بهما (فأعلمهم) أي فأخبرهم (أن الله) سبحانه وتعالى (افترض) أي فرض وأوجب (عليهم) وافتعل هنا بمعنى الثلاثي (خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا) وقبلوا (لذلك) الذي فرض عليهم من الصلوات الخمس (فأعلمهم) أي فأخبرهم (أن الله) سبحانه (افترض) أي فرض وأوجب (عليهم صدقة) وزكاة (تؤخذ من أغنيائهم) أي من أغنياء أهل اليمن (فترد) أي تصرف وتوزع (في فقرائهم) أي في فقراء أهل اليمن ومستحقيها منهم فيحرم نقلها إلى غيرهم، أو في فقراء المسلمين ومستحقيهم فيجوز نقلها إلى غير أهل اليمن كما هو مذهب مالك (فإن هم أطاعوا) وقبلوا (لذلك) الذي فرض عليهم من الصدقة المذكورة (فإياك وكرائم أموالهم) أي حذر نفسك وباعدها عن أخذ كرائم أموالهم ومواشيهم أي عن أخذ خيارها ونفائسها نظرًا لأرباب الأموال ورفقًا بهم،