من النبي صلى الله عليه وسلم مع أن ثقيف نقضت العهد بأسر رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فانتقض عهدها وعهد حلفائها فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بذكر السبب إعظامًا لحق الوفاء وإبعادًا لنسبة الغدر إليه صلى الله عليه وسلم (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إعظامًا لذلك) أي لنسبة الغدر إليه وإبعادًا له وهذا حكاية حال من الراوي فهو مدرج من كلامه وليس من مقول النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون الإعظام منه صلى الله عليه وسلم فهو إعظام لحق الوفاء وابعاد لنسبة الغدر إليه ويحتمل أيضًا أن يكون من الأسير ويكون في الكلام التقديم والتأخير ويكون الإعظام الأخذ ولا يخفى أن الاحتمال الأول هو الراجح والحاصل أن سؤال الأسير عن سبب أخذه كان يتضمن نسبة الغدر ونقض العهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأعظمه النبي صلى الله عليه وسلم وأجاب بما أجاب فقال:(أخذتك بجريرة) أي بذنب وجناية (حلفائك ثقيف) أي بما فعلته ثقيف من الجناية التي نقضوا بها ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد وكانت بنو عقيل دخلوا معهم في ذلك إما بحكم الشرط وفيه بُعد، والظاهر أنهم دخلوا معهم بحكم الحلف الذي كان بينهم ولذلك ذكر حلفهم في الحديث، والجريرة بالفتح في اللغة الذنب والجناية يقال: جر على نفسه وغيره يجرها بضم الجيم وفتحها جريرة إذا جنى عليهم جناية كما في تاج العروس [٣/ ٩٤] فالمعنى أني أخذتك بجناية حلفائك ثقيف فإنهم أسروا رجلين من أصحابنا ونقضوا بذلك عهدهم، وقد ذكر الخطابي في ذلك وجوهًا؛ الأول: أن العهد كان مع بني ثقيف وحلفائهم جميعًا بأنهم لا يتعرضون للمسلمين فنقض بنو ثقيف العهد ولم ينكره بنو عقيل فأخذوا بجريرتهم. والثاني: أن بني عقيل لم يكن معهم عهد فكان الأسير رجلًا كافرًا ولا عهد له فكان يجوز أخذه وأسره وقتله فإذا جاز أن يؤخذ بجريرة نفسه وهي كافرة جاز أن يؤخذ بجريرة غيره ممن كان حليفًا له. والثالث: أن يكون في الكلام حذف يريد أنك إنما أخذت ليدفع بك جريرة حلفائك ثقيف فيُفدى بك الأسرى الذين أسرهم ثقيف منا ألا تراه يقول: (ففدى الرجلين) فالظاهر أن العهد كان مع ثقيف وحلفائها فأُخذ رجل من بني عقيل ليُفدى بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف اهـ. ولما سمع الرجل الأسير ذلك لم يجد جوابًا فسكت (ثم انصرف) رسول الله صلى الله عليه وسلم وولى (عنه) أي عن ذلك الأسير