للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَينَ يَدَي بُيُوتِهِمْ. فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ فَأَتَتِ الإِبِلَ. فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ. حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ. فَلَمْ تَرْغُ. قَال: وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ

ــ

أي في القيد (وكان القوم) المشركون الذين أسروها (يريحون نعمهم) أي ينيخون إبلهم (بين يدي بيوتهم) أي أمام منازلهم وعند بيوتهم وبحضرتها لترتاح من تعب السير ومشقة السفر والمراد بالنعم هنا الإبل وإراحتها إناختها لتستريح في المراح والمراح بضم الميم مأوى الماشية بالليل (فانفلتت) أي تخلصت تلك المرأة (ذات ليلة) أي ليلة من الليالي (من الوثاق) أي من قيدها (فأتت) تلك المرأة (الإبل) أي إبلهم المناخة أمام بيوتهم لتركب عليها (فجعلت) أي شرعت تلك المرأة (إذا دنت) وقربت (من البعير) من تلك الإبل المناخة (رغا) ذلك البعير وصوّت (فتتركه) أي فتترك تلك المرأة البعير الذي رغا عليها وتمر عليه مخافة أن يظهر أمرها ويطلعوا عليها والمعنى فجعلت المرأة تدور على الإبل لتركب إحداها وتشرد منهم فكلما دنت من بعير منها رغا ذلك البعير فتتركه وتمر عليه (حتى تنتهي) وتصل المرأة (إلي العضباء) التي هي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم التي أخذها المشركون وكانت قائمة في جملة إبلهم (فـ) لما وصلت إلى العضباء (لم ترغ) العضباء ولم تتصوّت عليها فتذللت لركوبها، يقال: رغا البعير يرغو رغاءً دعا يدعو دعاءً فهو مضارع مجزوم بحذف حرف العلة (قال) الراوي: (و) هي أي العضباء (ناقة منوقة) أي مدربة، وفي رواية ستأتي مجرّسة، وفي أخرى مدربة وكلها بمعنى واحد، ورُوي بالرفع على أنه خبر لمحذوف كما قدرناه وبالنصب على أنه مفعول لمحذوف تقديره ووجدتها ناقة منوقة وعلى كلا الاحتمالين فالجملة علة لعدم رغائها وتصويتها والتقدير إنما لم ترغ عليها لأنها ناقة منوقة أي مذللة للركوب أو لأنها كانت ناقة منوقة والمنوقة المذللة وهو مأخوذ من لفظ الناقة كأنه قد أذهب بشدة ذكورته وجعله كالناقة المنقادة كما في مجمع البحار.

قال القرطبي: قوله: (وناقة منوقة) أي مذللة مدربة لا نفرة عندها وهي المجربة أيضًا هذا قول العلماء ويظهر لي أن كونها مدربة ليس موجبًا لعدم رغائها لأنا قد شاهدنا من الأباعر والنوق ما لم يزل مدربًا على العمل ومع ذلك فيرغو عند ركوبه وعند الحمل عليه وكأن هذه الناقة إنما كانت كذلك إما لأنها دُرّبت على ترك الرغاء من صغرها، وإما

<<  <  ج: ص:  >  >>