(ظمآن) أي عطشان (فأسقني قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذه حاجتك) جملة اسمية قدم خبرها على مبتدئها على معنى الحصر أي حاجتك هذه حاضرة متيسرة فلا يهمنك شأنها فإنها تُقضى فورًا يعني أن الطعام والشراب من حاجاتك الأصلية فنحن نقضيها، وفيه دليل على أن الأسير يستحق الطعام والشراب من الذي أسره (ففُدي) ذلك الرجل أي خُلي سبيله (بـ) مقابلة تخلية (الرجلين) يعني خلى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبيله عوضًا عن تخلية ثقيف الرجلين اللَّذَين أسرتهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(واعلم) أن هذا الحديث مشتمل على واقعتين: الأولى في قصة تملك النبي صلى الله عليه وسلم الناقة العضباء وحاصلها أنها كانت لرجل من بني عقيل فأسر مع ناقته فتملكها النبي صلى الله عليه وسلم والواقعة الثانية أن المشركين أغاروا على المدينة بعد الواقعة الأولى فذهبوا بالعضباء وأُسرت عندهم امرأة من المسلمين فانفلتت منهم وجاءت بالعضباء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونذرت فيها نذرًا ومن أجل هذه الواقعة الثانية أخرج الإمام مسلم رحمه الله هذا الحديث في باب النذور فشرع في هذه الواقعة الثانية بقوله:
(قال) عمران بن حصين بالسند السابق (وأُسرت) بالبناء للمجهول وزاد أبو داود والدارمي قبله، وبعد قوله:(ففُدي الرجل بالرجلين)(فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله) وركوبه (وكانت من سوابق الحجاج ثم إن المشركين أغاروا على المدينة فذهبوا مع ما أخذوا بالعضباء وأسروا امرأة من المسلمين) وبهذا تتضح القصة (امرأة من الأنصار) قال أبو داود بعد إخراج الحديث: هذه المرأة امرأة أبي ذر رضي الله عنه وذكر السهيلي في الروض الأنف [٢/ ٢١٤] أن اسمها ليلى ووقعت قصة أسرها في غزوة ذات القرد على ما ذكره ابن إسحاق في المغازي وحكاه عنه ابن هشام في سيرته وكانت ذات القرد في جمادى الآخرة سنة ست (وأُصيبت) أي أخذت (العضباء) في تلك الإغارة التي وقعت بالمدينة مع المرأة (فكانت المرأة) المأسورة مع العضباء (في الوثاق)