والمخصوص بالذم نذرها يعني أنها جزت إحسان الناقة بالإساءة إليها فإن الناقة تسببت لنجاة المرأة من الكفار فجزت بنذر أن تنحرها فإنها (نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها) وقوله: (بئس ما جزتها) ذم لذلك النذر من حيث إنه لم يصادف محلًا مملوكًا لها ولو كانت ملكًا للزمها الوفاء لأنه نذر طاعة فيلزم الوفاء به اتفاقًا هذا إن كان ذلك الذم شرعيًّا ويمكن أن يقال: إنما صدر هذا الذم منه لأن ذلك النذر مستقبح عادة لأنه مقابلة الإحسان بالإساءة وذلك أن الناقة نجتها من الهلكة فقابلتها على ذلك بأن تهلكها وهذا هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله بئس ما جزتها نذرت لله إن نجاها عليها لتنحرنها" وفي هذا الحديث حجة على ما وُجد من أموال المسلمين بأيدي الكفار وغلبوا عليه وعُرف مالكه أنه له دون آخذه وفيه مستروح لقول من يقول: إن الكفار لا يملكون (لا وفاء) أي جائز أو صحيح (لنذر في معصية) كأن نذر أن يشرب الخمر فإنه لا يوفي ذلك النذر (ولا) وفاء (فيما لا يملك) أي في نذر ما لا يملك (العبد) حالة النذر وإن ملك بعد ذلك كأن يقول: لله عتق عبد زيد، فلا يلزمه الوفاء وإن ملك بعد النذر. قال النووي: وفي رواية "لا نذر في معصية الله تعالى" وفي هذا دليل أن من نذر معصية كشرب الخمر وقتل النفس المحرمة مثلًا فنذره باطل لا ينعقد ولا تلزمه كفارة يمين ولا غيرها وبهذا قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وداود وجمهور العلماء، وقال أحمد: تجب فيه كفارة اليمين بالحديث المروي عن عمران بن الحصين وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين" واحتج الجمهور بحديث عمران بن حصين المذكور في الباب وأما حديث كفارته كفارة يمين فضعيف باتفاق المحدثين، وأما قوله:(ولا فيما لا يملك العبد) فهو محمول على ما إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه بأن قال: إن شفى الله مريضي فلله عليّ أن أُعتق عبد فلان أو أن أتصدق بثوبه أو بداره أو نحو ذلك فأما إذا التزم في الذمة شيئًا لا يملكه فيصح نذره مثل أن قال: إن شفى الله مريضي فلله عليّ عتق رقبة وهو في ذلك الحال لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره وإن شفي المريض ثبت العتق في ذمته اهـ منه، وقوله: (لا وفاء