للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أَدْرَكَ شَيخًا يَمْشِي بَينَ ابْنَيهِ. يَتَوَكَّأُ عَلَيهِمَا. فَقَال النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا شَأنُ هذَا؟ " قَال ابْنَاهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَانَ عَلَيهِ نذْرٌ. فَقَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْكَبْ. أَيُّهَا الشَّيخُ! فَإِن اللهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَن نَذْرِكَ"

ــ

عثمان المدني (عن عبد الرحمن) بن هرمز الهاشمي مولاهم (الأعرج) المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم أدرك) أي لحق ورأى (شيخًا يمشي) ويهادى (بين ابنيه) حالة كونه (يتوكأ) ويعتمد بعضديه (عليهما) لم أر من ذكر اسم الشيخ واسم الابنين وهل هو الشيخ الذي في حديث أنس أم لا؟ والظاهر هو هو لاتحاد الواقعة وهو في حجة الوداع (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابنيه: "ما شأن هذا؟ " الشيخ وما باله يهادى بينكما (قال ابناه: يا رسول الله كان عليه نذر) أن يمشي إلى بيت الله (فقال) له (النبي صلى الله عليه وسلم: اركب) الراحلة (أيها الشيخ فإن الله) سبحانه (غني عنك) أي عن عبادتك (وعن نذرك) أي وعن مشيك الذي لا تستطيعه لا أن أصل النذر يسقط عنه فإنه قد أمره بالركوب، وخُرّجت هذه العبارة على ما تعارفناه بيننا من أن من استغنى عن شيء لم يلتفت إليه ولم يعبأ به وكيف لا والله تعالى هو الغني الحميد وكل الموجودات مفتقرة إليه افتقار ضعفاء العبيد، وظاهر حديث هذا الشيخ أنه كان قد عجز عن المشي في الحال وفيما يأتي بعد ولذلك لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم ما قال لأخت عقبة: "مُرْها فلتمش ولتركب" فإنها كانت ممن يقدر على بعض المشي فأمرها أن تركب ما عجزت عنه وتمشي ما قدرت عليه وهذا هو المناسب لقواعد الشريعة، ولم يذكر لواحد منهما وجوب دم عليه ولا ذكر لأخت عقبة وجوب الرجوع لتمشي ما ركبته فأما من يئس عن المشي فلا رجوع عليه قولًا واحدًا ولا يلزمه دم إذ لم يخاطب بالمشي فيكون الدم بدله وإنما هو استحباب عن مالك، وأما من خوطب بالمشي فركب لموجب مرض أو عجز فيجب عليه الهدي عند الجمهور، وقال الشافعي: لا يجب عليه الهدي ويختار له الهدي، ورُوي عن ابن الزبير أنه لم يجعل عليه هديًا متمسكًا بما قررناه من الظاهر وقد تمسك الجمهور بزيادة زادها أبو داود والطحاوي في حديث عقبة وهذا لفظه (قال عقبة بن عامر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية ناشرة شعرها فقال له النبي صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>