للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَاللَّفْظُ لِقُتَيبَةَ وَابْنِ حُجْرٍ)

ــ

الله عليه وسلم: "مُرْها فلتركب ولتختمر ولتهد هديًا" وعند أبي داود بدنة وليس فيه ناشرة شعرها، وزيادة الهدي قد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم مع عقبة بن عامر ابن عباس، ورواها عنهما الثقات فلا سبيل إلى ردها وليس سكوت من سكت عنها حجة على من نطق بها، وقد عمل بها الجماهير من السلف وغيرهم.

ثم هل يجب عليه مع الهدي الرجوع فيمشي ما ركبه أم لا؟ اختلف فيه؛ فقيل: لا يجب عليه مطلقًا وإليه ذهب الشافعي وأهل الكوفة وهذا أحد قولي ابن عمر، وقيل: يرجع وإليه ذهب سلف أهل المدينة وابن الزبير وهو القول الآخر عن ابن عمر وفرّق مالك فقال: إن كان المشي يسيرًا لم يرجع ويرجع في الكثير ما لم يرجع لبلده البعيدة فيكفيه الدم. (قلت): والتمسك بحديث عقبة في ترك إيجاب الرجوع ظاهر وعمل سلف أهل المدينة باهر اهـ من المفهم.

(واللفظ) المذكور سابقًا (لقتيبة وابن حجر) وأما يحيى بن أيوب فروى معناه لا لفظه، وقوله: (كان عليه نذر) يعني به إلى بيت الله لأنه عرف المشي كما قال عقبة: إن أخته نذرت أن تمشي إلى بيت الله، وقال الطحاوي: إلى الكعبة ولم يرد فيما صح من الحديث أكثر من هذين اللفظين بيت الله والكعبة، وألحق العلماء بهما ما في معناهما مثل أن يقول إلى مكة أو ذكر جزءًا من البيت وهذا قول مالك وأصحابه، واختلف أصحابه فيما إذا قال إلى الحرم أو مكانًا من بلدة مكة أو المسجد هل يرجع إلى البيت أم لا؟ على قولين؛ وقال الشافعي: من قال: علي المشي إلى شيء مما يشمل عليه الحرم لزمه وإن ذكر ما خرج منه لم يلزمه وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن حبيب من أصحابنا إلا إذا ذكر عرفات فيلزمه وإن كانت خارج الحرم، وقال أبو حنيفة: لا يلزمه في هذا مشي ولا مسير في القياس لكن الاستحسان في قوله إلى بيت الله أو الكعبة أو مكة فقط وكل هذا إذا ذكر المشي فلو قال: علي المسير إلى مكة أو الانطلاق أو الذهاب فلا شيء عليه إلا أن يقول في حج أو عمرة أو ينويهما، وتردد قول مالك في الركوب، وأوجب أشهب الحج والعمرة فيهما كالمشي وكل هذا إن ذكر مكة أو موضعًا منها على ما فصلناه؟ فلو قال: علي المشي إلى مسجد من المساجد الثلاثة لم يلزمه المشي عند ابن القاسم بل المضي إليها، وقال ابن وهب: يلزمه المشي وهو القياس ولو قال إلى مسجد غير هذه الثلاثة، قال ابن المواز: إن كان قريبًا كالأميال لزمه المشي إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>