بعد مشروعية الوتر فلو شرع بصفة الوجوب لذكر. انتهى.
قوله (فترد على فقرائهم) احتج به البخاري على عدم نقل الزكاة ولا يظهر لاحتمال عود الضمير على المسلمين لا على فقراء تلك البلدة وفيه دليلٌ لمالك على أن الزكاة لا تجب قسمتها على الأصناف المذكورين في الآية يعني مما سوى العاملين وأنه يجوز للإمام أن يصرفها إلى صنف واحدٍ من الأصناف المذكورين في الآية إذا رأى في ذلك مصلحة دينية وفيه دليل لمن قال إنه يجب على من وجبت عليه أن يدفعها للإمام العادل الذي يضعها في مواضعها ولا يجوز لمن وجبت عليه أن يلي تفرقتها بنفسه إذا أقام الإمام من تدفع إليه وفي ذلك تفصيل يعرف من الفروع (قوله وإياك وكرائم أموالهم) أي خيارها ونفائسها كالمعلوفة وذات اللبن والكرائم جمع كريمة، قال صاحب المطالع: الكريمة جامعة صفة الكمال الممكن في حقها من غزارة لبن وجمال صورة أو كثرة لحم أو صوف، حذره عن ذلك رفقًا بأرباب الأموال، وكذلك لا يأخذ من شرار المال ولا معيبه رفقًا للفقراء فلو طابت نفس رب المال بشيء من كرائم أمواله جاز للمصدِّق أخذها منه ولو أن المصدق رأى مصلحة للفقراء في أخذ المعيبة جاز أخذها، قال النواوي: وهكذا الرواية (فإياك وكرائم أموالهم) بالواوفي قوله وكرائم، قال ابن قتيبة: ولا يجوز أن يقال إياك وكرائم أموالهم بحذفها لأنَّ العطف هنا قائم مقام العامل المحذوف وجوبًا في التحذير وإعرابه فإياك الفاء رابطة لجواب إن الشرطية وجوبا، إيا ضمير نصب منفصل في محل النصب على التحذير بعامل محذوف وجوبًا لقيام العطف مقامه مبني على السكون والكاف حرف دال على الخطاب تقديره باعد نفسك عن أخذ كرائم أموالهم وجملة التحذير في محل الجزم بإن الشرطية على كونها جوابًا لها.
قوله (واتق دعوة المظلوم) أي واحذر الأسباب التي يدعو بها عليك المظلوم بأخذ كرائم أمواله وهي أخذ كرائم ماله، قال الأبي في حديث الدارقطني: ولو كانت من كافر، قال النواوي وفيه وعظ الإمام أُمراءه وتحذيرهم من الظلم، وقال القرطبي: وفيه جواز الدعاء على الظالم قال الأبي: لأنَّ التحذير من قبوله إقرار له، وقد أجازه مالك حتى في الصلاة، وإنما النظر في أيهما أرجح الدعاء أم الترك والصواب الفرق فيترجح الدعاء على من عمَّ ظلمه لأنه من الفساد في الأرض، ويترجح الترك فيمن ظلمه لأنه أوفر للأجر وفي الآثار ما يدل على الأمرين.