للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: (بالطواغي) جمع طاغية فاعلة من الطغيان والمراد بها الأصنام، سُميت بذلك لأنها سبب الطغيان فهي كالفاعلة له، وقيل الطاغية مصدر كالعافية سُمي بها الصنم للمبالغة ثم جُمعت على طواغ اهـ ملا علي. وقيل: يجوز بها كل من طغى وجاوز الحد في الشر وهم عظماء الكفار، وروي هذا الحديث في غير مسلم بلفظ إلا تحلفوا بالطواغيت) وهو جمع طاغوت وهو الصنم كما في النووي، قوله: (ولا بآبائكم) كانت العرب في جاهليتهم يحلفون بالطواغي وبآبائهم فنُهوا عن ذلك ليكونوا على تيقظ في محاوراتهم حتى لا يسبق به لسانهم جريًا على ما تعودوه اهـ. (فإن قلت): أقسم النبي صلى الله عليه وسلم بالأب حين قال في شأن رجل "قد أفلح وأبيه إن صدق" قلنا: تلك الكلمة جرت على لسانه على عادتهم لا على قصد القسم اهـ مبارق، والأظهر أن هذا وقع قبل ورود النهي أو بعده لبيان الجواز ليدل على أن النهي ليس للتحريم اهـ ملا علي، وكان أكثر يمينه صلى الله عليه وسلم "لا ومقلب القلوب" كما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما اهـ من بعض الهوامش.

قال القرطبي: قوله: (بالطواغي) الطواغي جمع طاغية كالروابي جمع رابية والدوالي جمع دالية وهي مأخوذة من الطغيان وهو الزيادة على الحد ومنه قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)} [الحاقة: ١١] أي زاد، وقد تقدم أن الطواغي والطواغيت كل معبود سوى الله في كتاب الإيمان، وقد تقرر أن اليمين بذلك محرم ومع ذلك فلا كفارة فيه عند الجمهور لأجل الحلف بها ولا لأجل الحنث فيها، أما الأول فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: "من قال: واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله" ولم يذكر كفارة ولو كانت لوجب تبيينها لتعين الحاجات لذلك، وأما الثاني فليست بيمين منعقدة ولا مشروعة فيلزم بالحنث فيها الكفارة، وقد شذ بعض الأئمة وتناقض فيما إذا قال أشرك بالله أو أكفر بالله أو هو يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام أو من النبي صلى الله عليه وسلم أو من القرآن وما أشبه ذلك فقال: هي أيمان يلزم بها كفارة إذا حنث فيه، أما شذوذه فلأنه لا سلف له فيه من الصحابة ولا موافق له من أئمة الفتوى فيما أعلم، وأما تناقضه فلأنه قال لو قال: واليهودية والنصرانية والنبي والكعبة لم يحنث وعليه كفارة عنده مع أنها على صيغ الأيمان اللغوية فأوجب الكفارة فيما لا يقال عليه يمين لا لغة ولا شرعًا ولا هو من ألفاظها ولو عكس لكان أولى وأمس ولا حجة له في

<<  <  ج: ص:  >  >>