أي فدعا أبي سويد بن مقرن ذلك المولى (ودعاني) أيضًا (ثم قال) أبي للمولى: (امتثل منه) أي اقتص منه كما هو مصرح في رواية أبي داود؛ أي افعل به مثل ما فعل بك من اللطمة، من الامتثال وهو مأخوذ من المثل والامتثال أن يفعل الرجل بصاحبه مثل ما فعل هو به، قال النووي: وهذا محمول على تطييب نفس المولى المضروب وإلا فلا يجب القصاص في اللطمة ونحوها، وإنما واجبه التعزير لكنه تبرع فأمكنه من القصاص فيها، وفيه الرفق بالموالي واستعمال التواضع معهم اهـ (فعفا) المولى عن الامتثال (ثم قال) سويد بن مقرن بن عائذ المزني وهو أخو النعمان بن مقرن رضي الله عنهما (كنا) أخص (بني مقرن) بن عائذ بالنصب على الاختصاص، وفي رواية أبي داود (فإنا معشر بني مقرن كنا سبعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم)(على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادم واحدة) هكذا هو في جميع النسخ، والخادم بلا هاء يطلق على الجارية كما يطلق على الرجل، ولا يقال خادمة بالهاء إلا في لغة شاذة قليلة اهـ نووي (فلطمها) أي لطم تلك الخادمة (أحدنا) أي أحد بني مقرن (فبلغ ذلك) أي لطم أحدنا إياها (النبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لنا: (أعتقوها) أي حرروا تلك الخادمة ليكون إعتاقها كفارة لتلك اللطمة (قالوا) أي قال بنو مقرن: (ليس لنا خادم غيرها) فمن يخدمنا إن أعتقناها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فليستخدموها) حتى يستغنوا عنها (فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها) بالإعتاق.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٤٤٨]، وأبو داود [٥١٦٦ و ٥١٦٧]، والترمذي [١٥٤٢].
قال القرطبي: وحاصل ما في حديثي ابن عمر وسويد بن مقرن أن ضرب ابن عمر رضي الله عنهما لعبده كان أدبًا على جناية غير أنه أفرط في أدبه بحسب الغضب البشري حتى جاوز مقدار الأدب ولذلك أثر الضرب في ظهره، وعندما تحقق ذلك رأى أنه لا يخرجه مما وقع فيه إلا عتقه فأعتقه بنية الكفارة، ثم فهم أن الكفارة غايتها إذا قُبلت أن