وفي الفتح: أي كاملة الجودة فالتنكير فيه للتعظيم اهـ، إنما قال ذلك لأن الحلة عند العرب ثوبان ولا تطلق على ثوب واحد اهـ نووي (فقال) أبو ذر في بيان حكمة التسوية بينه وبين غلامه (إنه) أي إن الشأن والحال (كان بيني وبين رجل من إخواني) المسلمين (كلام) أي خصام ونزاع، وفي رواية آتية ساب رجلًا، وفي رواية للإسماعيلي شاتمت، والظاهر أن ذلك الرجل كان عبدًا، وإنما قال: إخواني لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له "إخوانكم خولكم" اهـ نووي، قيل: إن الرجل المذكور هو بلال المؤذن مولى أبي بكر رضي الله عنهما ذكره ابن حجر في باب المعاصي من إيمان البخاري، ومعنى قوله:(كلام) أي سباب وشتام ففي صحيح البخاري: "إني ساببت رجلًا فعيرته بأمه" بأن قال له يا ابن السوداء كما قال: (وكانت أمه) أي أم ذلك الرجل (أعجمية) سوداء (فعيرته) أي عيبته (بأمه) أي نسبته إلى العار، وفي رواية قلت له: يا ابن السوداء، والأعجمي من لا يفصح باللسان العربي سواء كان عربيًّا أو أعجميًّا، والفاء في قوله فعيرته قيل هي تفسيرية كأنه بين أن السب والكلام الذي ذكره من قبل هو التعيير بأمه، والظاهر أنه وقع بينهما سباب وزاد عليه التعيير فتكون الفاء عاطفة كذا في فتح الباري [١/ ٨٧] قال القرطبي: (قوله: كان بيني وبين رجل من إخواني) يعني به عبده وأطلق عليه أنه من إخوانه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إخوانكم خولكم" ولأنه أخ في الدين اهـ مفهم.
(فشكاني) ذلك الرجل أي أخبر ما جرى بيني وبينه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم) على سبيل الشكوى (فلقيت) أي رأيت (النبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية) أي خلق من أخلاق الجاهلية وهو شتم أحد بأمه، ظاهر هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى على أبي ذر من غير أن يسمع منه جوابه وليس الأمر كذلك وإنما هو اختصار من الراوي والتفصيل أخرجه البخاري في الأدب من صحيحه ولفظه (فقال لي: أساببت فلانًا؟ قلت: نعم، قال: أفنلت من أمه؟ قلت: نعم، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية) والجاهلية ما قبل الإسلام والمراد فيك خصلة من خصال الجاهلية، قال الحافظ في الفتح [١/ ٨٧]: ويظهر لي أن ذلك كان من أبي ذر قبل أن يعرف تحريمه فكانت تلك الخصلة من خصال