الجاهلية باقية عنده فلهذا قال كما عند البخاري في الأدب قلت: على ساعتي هذه من كبر السن قال: نعم، كأنه تعجب من خفاء ذلك عليه مع كبر سنه فبيّن له كون هذه الخصلة مذمومة شرعًا، ويحتمل أن يراد بالجاهلية هنا الجهل أي إن فيك جهلًا اهـ من الفتح، وقال القرطبي: قوله: (فيك جاهلية) أي خصلة من خصالهم يعني بها تعيير عبده بأمه فإن الجاهلية كانوا يعيرون بالآباء والأمهات وذلك شيء أذهبه الإسلام بقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣]، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية -أي كبرها- وفخرها بالآباء الناس كلهم بنو آدم وآدم خُلق من تراب" رواه أبو داود والترمذي قال أبو ذر:(قلت: يا رسول الله من سب الرجال سبوا أباه وأمه) هذا اعتذار من أبي ذر - رضي الله عنه - وحاصله أن المعروف فيما بين الناس أن الرجل المسبوب يرد على الساب بسبِّ والديه ولا يعده أحد ظلمًا أو منكرًا فانكره النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيّن أن هذا من أخلاق الجاهلية وإنما يباح للمسبوب أن يسب الساب نفسه بقدر سبه ولا يتعرض لأبيه ولا لأمه اهـ نووي (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر مرة ثانية كرره تأكيدًا لما قبله وتوطئة لما بعده (يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية، هم) قال النووي: الضمير يعود إلى المماليك، وقال الحافظ في الفتح يعود إلى العبيد أو الخدم حتى يدخل من ليس فيه الرق منهم، وقرينة قوله:(تحت أيديكم) ترشد إليه (قلت): وكذلك قوله: (خولكم) في الروايات الأخرى فإن الخول بمعنى الخدم (هم) أي هؤلاء المماليك (إخوانكم) في الدين (جعلهم الله تحت أيديكم) أي تحت أملاككم أو تدبيركم ورعايتكم ولكن يؤيد التفسير الأول ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد من طريق سلام بن عمرو عن رجل من الصحابة مرفوعًا (أرقاؤكم إخوانكم) الحديث ذكره الحافظ في عتق الفتح [٥/ ١٧٤] ويمكن أن يجاب عنه بأنه رواية بالمعنى وزعم أحد الرواة أن الأمر مقتصر على العبد والأرقاء فرواه بهذا اللفظ وإلا فالحديث مطلق عن ذلك فالرفق والإحسان مأمور به مع كل من يخدمك سواء كان حرًّا أو عبدًا اهـ منه (فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون) قال النووي: والأمر