للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طَعَامَهُ ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ، وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ، فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ. فَلْيَأْكُلْ. فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا قَلِيلًا، فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَينٍ". قَال دَاوُدُ: يَعْنِي لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَينِ

ــ

كان أو رقيقًا (طعامه) بالنصب على المفعولية (ثم جاءه) الخادم (به) أي بذلك الطعام المصنوع (وقد ولي) ذلك الخادم وقرب (حرَّه) أي حرّ ناره عند الطبخ (و) شم (دخان) نار (هـ) وهذا كناية عن تعبه في إصلاحه. وقوله: (ولي) مأخوذ من الولي على وزن الفلس بمعنى القرب، وفي الفعل لغتان أكثرهما وليه يليه بكسر العين فيهما والثانية من باب وعد وهي قليلة الاستعمال اهـ مصباح أي ومن حق من ولي حر شيء وشدته وتعبه أن يلي قره وراحته فقد تعلقت به نفسه وشم رائحته ويقال في المثل: (ولّ حارها من تولى قارّها) أي ولّ شرها من تولى خيرها (فليقعده) أي فليقعد ذلك الخادم (معه) بضم الياء وكسر العين أمر غائب من الإقعاد وهذا أمر بتعليم التواضع وترك الكبر على العبد وهذا كان خلقه - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يأكل مع العبد ويطحن مع الخادم ويشاركه في عمله ويقول: "إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد" ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (فليأكل) الخادم معه إذا كان الطعام كثيرًا (فإن كان الطعام مشفوهًا) أي (قليلًا) لا يكفيهما فهو تفسير من الراوي لمشفوهًا مدرج في الحديث تدل عليه رواية أبي داود وفيها (يعني قليلًا) (فليضع في يده) أي في يد الخادم (منه) أي من ذلك الطعام (أكلة أو أكلتين) بضم الهمزة أي لقمة أو لقمتين كما فسره الراوي بقوله: (قال داود) بن قيس (يعني) النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك (لقمة أو لقمتين) ومقتضى ذلك أن الطعام إذا كان كثيرًا فإما أن يقعده معه، وإما أن يجعل حظه منه كثيرًا وإنما يكتفي بمناولة اللقمة أو اللقمتين إذا كان الطعام قليلًا، وفائدة المناولة حينئذٍ إشراكه الخادم في طعامه في الجملة ووقاية الطعام عن أثر عينه لتسكن نفسه فيقل أثر العين كما بينه الحافظ في الفتح.

وقوله: (مشفوهًا) قد فسره الراوي بقوله قليلًا وأصله الماء الذي تكثر عليه شفاه الواردة فتقل يقال ما أظن إبلك إلا ستشفه علينا الماء، وطعام مشفوه كثرت عليه الأيدي، ويقال: كاد العيال يشفهون مالي كذا في أساس البلاغة للزمخشري (ص ٢٣٨).

وقال الشافعي: بعد أن ذكر هذا الحديث هذا عندنا والله أعلم على وجهين

<<  <  ج: ص:  >  >>