المدرج فزعم الخطابي أنها مرفوعة، وقال:"لله أن يمتحن أنبياءه وأصفياءه بالرق كما امتحن يوسف" والحق أنها ليست مرفوعة كما دلت رواية مسلم هذه، وقد جاء الحافظ في الفتح بعدة روايات أخرى قد صرح فيها بأنها مدرجة.
وقوله:(لولا الجهاد في سبيل الله) وإنما استثنى أبو هريرة هذه الأشياء لأن الجهاد والحج يشترط فيهما إذن السيد وكذلك بر الأم فقد يحتاج فيه إلى إذن السيد في بعض وجوهه بخلاف بقية العبادات البدنية ولم يتعرض للعبادات المالية إما لكونه إذ ذاك لم يكن له مال يزيد على قدر حاجته فيمكنه صرفه في القربات بدون إذن السيد وإما لأنه كان يرى أن للعبد أن يتصرف في ماله بغير إذن السيد كذا في فتح الباري، ودل الحديث على أن المملوك لا تجب عليه هذه الأشياء الثلاثة وأما الأولان فلعدم الاستطاعة لأن منافعه مملوكة لسيده، وأما الثالث فلأن المال الذي ينفق منه عليها للسيد وإنما يريد أبو هريرة ببرها النفقة عليها، وأما البر الذي يرجع إلى خفض الجناح والملاطفة فيستوي فيه الحر والعبد كذا في شرح الأبي حكاية عن القاضي رحمهما الله تعالى.
قوله:(وبر أمي) اسمها أميمة أو ميمونة وهي صحابية. قوله:(لأحببت أن أموت وأنا مملوك) لما له من الأجر المضاعف. قوله:(لم يكن يحج حتى ماتت أمه) يعني حج التطوع وإلا فقد ثبتت حجته المفروضة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودل عمله هذا على أن بر الأم فرض فلا يُترك للعبادات النافلة ومن هنا أجمع العلماء على أن حج التطوع لا يجوز بغير إذن الوالدين وفي الحج المفروض خلاف فقال مالك والشافعي رحمهما الله تعالى: ولا يجوز للوالدين المنع منه ولا يمتنع الولد منه إن منعا، وقيل: لا يجوز حتى يأذن له الوالدان اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٢٥٤٨].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال:
٤١٨٨ - (٠٠)(٠٠) وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا أبو صفوان) الدمشقي عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان (الأموي) ثقة، من (٩)(أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن سعيد بن المسيب عن أبي