قَال:"فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا؟ " قَالُوا: وَكَيفَ نَقْبَلُ أَيمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى عَقْلَهُ
ــ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقم شاهدين على من قتله أدفعه إليك برمته قال: يا رسول الله من أين أصيب شاهدين وإنما أصبح قتيلًا على أبوابهم قال فتحلف خمسين قسامة) إلخ وقوله: (أتحلفون) أيضًا أطلق الخطاب لهم والمراد من تختص به اليمين وهو الأخ الوارث كما في النووي قال ملا علي: هذا إنما كان على طريق الإفتاء في المسألة لا بطريق الحكم لعدم حضور الخصم حينئذٍ وإلا فابتداء اليمين في القسامة بالمدعى عليه على مقتضى سائر الدعاوي فشرعية اليمين إنما هي للبراءة فأوضح الروايات ما في سنن أبي داود من قوله - صلى الله عليه وسلم - لهم: لكم شاهدان يشهدان على قاتل صاحبكم قالوا: يا رسول الله لم يكن ثم أحد من المسلمين وإنما هي يهود وقد يجترئون على أعظم من هذا قال: فاختاروا منهم خمسين فاستحلفوهم وفي قسامة البخاري فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله قالوا: مالنا بينة قال: فيحلفون قوله: (فتستحقون صاحبكم) وفي سنن ابن ماجه (دم صاحبكم) يعني بدل دمه وهو الدية وفي رواية البخاري: (أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم)(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا) يحتمل أن يكون تبرئكم بتخفيف الراء من الإبراء ويحتمل أن يكون بتشديدها من التبرئة والمعنى أن اليهود يخلصونكم من الأيمان بأن تحلفوهم فإذا حلفوا انتهت الخصومة فلم يجب عليهم شيء وخلصتم من الأيمان وفيه البداءة بالمدعى عليهم اهـ من الإرشاد ويهود مرفوع على الفاعلية غير منون لأنه اسم لا ينصرف لأنه اسم للقبيلة أو الطائفة ففيه التأنيث والعلمية (قالوا): أي قال الأخوة الثلاثة: يا رسول الله (وكيف نقبل أيمان قوم كفار) فكيف للاستفهام الإنكاري يعني أنهم لا يبالون بالأيمان الكاذبة فكيف نقبل أيمانهم فيحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - طلب منهم البينة أولًا فلم يكن لهم بينة فعرض عليهم الأيمان فامتنعوا فعرض عليهم تحليف المدعى عليهم فأبوا (فلما رأى ذلك) أي امتناعهم من تحليف اليهود (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى) لهم (عقله) أي ديته من عنده كما قال في الرواية الأخرى: فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبله كراهة إبطال دمه يعني من بيت المال وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٧١٩٢]، وأبو داود [٤٥٢٠ و ٤٥٢١]، والترمذي [١٤٢٢]، والنسائي [٨/ ٩]، وابن ماجه [٢٦٧٧].