الثاني كذا ذكره موسى بن عقبة في المغازي وقد وقع في بعض الروايات أنهم كانوا من عكل بضم العين وسكون الكاف وهي قبيلة من تيم الرباب وجمع بعض الرواة بينهما فقال:(من عكل أو عرينة) بالشك كما في البخاري في الوضوء أو (من عكل وعرينة) بلا شك كما عند البخاري في المغازي ويؤيده ما رواه أبو عوانة والطبري من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس قال: (كانوا أربعة من عرينة وثلاثة من عكل) ولا يخالف هذا ما أخرجه البخاري في الجهاد والديات (أن رهطًا من عكل ثمانية) لاحتمال أن يكون الثامن من غير القبيلتين وكان من أتباعهم فلم ينسب هذا ملخص ما في فتح الباري [١/ ٣٣٧] فراجعه للتفصيل.
(قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة) وذكر ابن إسحاق في المغازي أن قدومهم كان بعد غزوة ذي قرد وكانت غزوة ذي قرد في جمادى الآخرة سنة ست وذكرها البخاري في المغازي بعد الحديبية وكانت في ذي القعدة سنة ست وذكرها الواقدي في مغازيه أنها كانت في شوال منها وتبعه ابن سعد وابن حبان وغيرهما كذا في الفتح (وقوله: المدينة) أخرج البخاري في المحاربين عن أنس قال: قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في الصفة وهذا يدل على أنهم أقاموا في الصفة قبل خروجهم إلى إبل الصدقة وزاد في رواية يحيى بن أبي كثير (فأسلموا) وفي رواية أبي رجاء (فبايعوه) على الإسلام (فاجتووها) أي كرهوا هواء المدينة ومرضوا فيها قال ابن فارس: يقال اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة وقيده الخطابي بما إذا تضرر بالإقامة فيه وهو المناسب لهذه القصة وقال القزاز: (اجتووا) أي لم يوافقهم طعامها وقال القرطبي: (اجتووها) أي لم توافقهم صحتهم يقال: اجتوى البلد واستوبله واستوخمه إذا سقم فيه عند دخوله اهـ أي استوخموا المدينة وكرهوا الإقامة بها لم يوافقهم هواؤها وحاصل ما ذكر أنهم كانوا في هزال شديد من الجوع والجهد فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعمهم حتى صحت أجسامهم ثم ابتلوا بالاستسقاء وهو انتفاخ البطن لمرض فانتفخت بطونهم فزعموا أن مرضهم هذا من استيخامهم وكراهيتهم هواء المدينة والله أعلم وهو مشتق من الجوى وهو داء في الجوف (فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا