من ألبانها وأبوالها) جواب الشرط محذوف تقديره فعلتم ذلك دل عليه ما بعده وفي الحديث دلالة على جواز الخروج من البلد الذي لا يوافق الرجل هواءه تداويًا وعلاجًا وكانت إبل الصدقة ترعى بذي الجدر ناحية قباء قريبًا من عير على ستة أميال من المدينة ذكره ابن سعد في طبقاته (ففعلوا) ما أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج إلى إبل الصدقة وشرب ألبانها وأبو الها (فصحوا) أي فحصلت لهم الصحة والعافية من مرضهم وإنما أجاز لهم شرب ألبان إبل الصدقة لأنها للمحتاجين والفقراء وهم منهم (ثم) بعدما صحوا (مالوا على الرعاء) جمع راع كصاحب وصحاب وفي بعض النسخ: (الرعاة) وهو أيضًا جمع الراعي نظير قاضي وقضاة وهما لغتان أي قصدوا إلى الرعاء وصالوا عليهم وأصابوهم بالإضرار والإهلاك وفي الرواية التالية فقتلوا الراعي بالإفراد ذكر العيني أنه يسار النوبي (فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام) قال ملا علي كأنهم تشاءموا بالإسلام (وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أخذوا إبله وقدموا أمامهم سائقين لها مطاردين (فبلغ ذلك) الأمر الذي فعلوه من قتل الرعاء وسوق الإبل (النبي صلى الله عليه وسلم) بعدما ارتفع النهار.
قوله:(إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة) وأخرج أبو عوانة من رواية معاوية بن قرة التي أخرج المصنف إسنادها (أنهم بدؤوا بطلب الخروج إلى الإبل فقالوا: يا رسول الله قد وقع هذا الوجع فلو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل) وأخرج البخاري من رواية وهيب عن أيوب (أنهم قالوا: يا رسول الله أبغنا رسلًا) أي اطلب لنا لبنًا فقال صلى الله عليه وسلم: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود ثم ظاهر هذه الرواية أن العرنيين خرجوا إلى إبل الصدقة ويعارضه رواية أبي رجاء عند البخاري وفيها (هذه نعم لنا تخرج فاخرجوا فيها) ورواية أيوب في الوضوء فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح ورواية وهيب في المحاربين إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهر هذه الروايات أن اللقاح كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فجمع بينهما الحافظ في الفتح [١/ ٣٣٨] بأن إبل الصدقة كانت ترعى خارج المدينة وصادف بعث النبي صلى الله عليه وسلم بلقاحه إلى المرعى طلب هؤلاء النفر الخروج إلى الصحراء لشرب ألبان الإبل