فأمرهم أن يخرجوا مع راعيه فخرجوا معه إلى الإبل ففعلوا ما فعلوا من قتل رعاء إبل الصدقة وقتل راعي لقاح النبي صلى الله عليه وسلم وسوق إبل الصدقة ولقاح النبي صلى الله عليه وسلم ويجمع أيضًا بين رواية فقتلوا الرعاء بالجمع وبين رواية فقتلوا الراعي بالإفراد بأن المراد بالرعاء رعاء إبل الصدقة وبالراعي راعي لقاح النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسار النوبي كما مر آنفًا فلا معارضة لأنهم قتلوا الكل وساقوا الكل اهـ بزيادة ويحتمل أن تكون إبل الصدقة نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة كونه صلى الله عليه وسلم متوليًا لها ودل الحديث على جواز انتفاع مستحق الزكاة من إبل الصدقة بشرب لبنها لأن العرنيين كانوا أبناء السبيل ولهذا أخرجه البخاري في الزكاة وترجم عليه (باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل) قوله: (فتشربوا من ألبانها وأبوالها) أما شرب لبن الصدقة فلما ذكرنا من أنهم كانوا أبناء السبيل وأما شرب لبن إبل النبي صلى الله عليه وسلم فلتحقق الإذن منه صلى الله عليه وسلم وأما شرب أبوال الإبل ففيه مسألتان:
١ - المسألة الأولى: مسألة بول ما يؤكل لحمه استدل مالك رحمه الله بهذا الحديث على طهارة بول ما يؤكل لحمه أما بول الإبل فاستدلوا على طهارته بهذا الحديث وأما بول غيرها مما يؤكل لحمه فبالقياس عليه وهو قول أحمد بن حنبل ومحمد بن الحسن من الحنفية والإصطخري والروياني من الشافعية وبه قال الشعبي وعطاء والنخعي والزهري وابن سيرين والحكم والثوري وقال أبو داود بن علية بول كل حيوان ونحوه وإن كان لا يؤكل لحمه طاهر إلا بول الآدمي وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو يوسف وأبو ثور وجمع كثير من العلماء الأبوال كلها نجسة إلا ما عفي عنه من القدر القليل وهذه المذاهب مأخوذة من عمدة القاري [١/ ٩١٩] وأجاب الحنفية والشافعية عن قصة العرنيين الأول أن شربهم للأبوال كان على سبيل التداوي للضرورة كما أجيز لبس الحرير في الحرب أو للحكة وقد أصيبوا بمرض الاستسقاء ولأبوال الإبل تأثير في ذلك فإنها كانت ترعى الشيح والقيصوم والإبل التي ترعى ذلك تنفع ألبانها وأبوالها في بعض أنواع الاستسقاء وقد أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار [١/ ٦٥] عن ابن عباس مرفوعًا إن في أبوال الإبل وألبانها شفاء لذربة بطونهم والثاني أن قصة العرنيين متقدمة نسخ حكمها أحاديث دالة على نجاسة الأبوال والنسخ وإن كان لا يثبت