(قال) أيوب في روايته: (وسمرت أعينهم) بتأنيث الفعل بدل قول الحجاج (وسمر أعينهم) بتذكير الفعل وقال أيضًا: (وألقوا في الحرة) بدل قول الحجاج (ثم نبذوا في الشمس) مع زيادة لفظة (يستسقون فلا يُسقون) أي يطلبون سقيا الماء فلا يعطون السقيا وهذا بيان لمحل المخالفة بين الروايتين وقال أنس في رواية ثابت عند البخاري في الطب: (فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت) ولأبي عوانة من هذا الوجه (ويعض الأرض ليجد بردها مما يجد من الحر والشدة) ذكره الحافظ في الفتح [١/ ٣٤٠] واستشكله العلماء لإجماع المسلمين على أن من وجب عليه القتل لا يمنع الماء لئلا يجتمع له عذابان وأجابوا عنه بوجوه (١) قال القاضي عياض رحمه الله: ليس في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمر بذلك كذا في شرح الأبي [٤/ ٤١١] واعترض عليه ابن حجر والعيني بأنه صلى الله عليه وسلم اطَّلع على ذلك وسكوته كاف في ثبوت الحكم (٢) قال النووي: قد ذكر في هذا الحديث الصحيح أنهم قتلوا الرعاة وارتدوا عن الإسلام وحينئذٍ لا يبقى لهم حرمة في سقي الماء وقد قال أصحابنا لا يجوز لمن معه من الماء ما يحتاج إليه للطهارة أن يسقيه لمرتد يخاف الموت من العطش ويتيمم ولو كان ذميًا أو بهيمة وجب سقيه ولم يجز الوضوء به حينئذٍ (٣) قال المنذري في تلخيص أبي داود [٦/ ٢٠٤] وترك النبي صلى الله عليه وسلم سقيهم الماء عقوبة لما جازوا سقي النبي صلى الله عليه وسلم اللبن بالردة والحرابة أراد أن يعاقبهم على كفر هذا السقي بالإعطاش ورُوي عن سعيد بن المسيب وذكر هذا الحديث فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عطش الله من عطَّش آل محمد الليلة فكان ترك سقيهم إجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم وحديث سعيد بن المسيب أخرجه النسائي [٢/ ١٦٧] وفيه واستاقوا اللقاح فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم عطِّش من عطَّش آل محمد الليلة ووجه ذلك أن لبن تلك اللقاح كان يراح به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ليلة وطب من لبن كما أخرجه الواقدي في مغازيه [٢/ ٥٧١] فلما استاقوا اللقاح لم يأت لبنها إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد بلغه ارتدادهم وقتلهم الراعي واستياقهم اللقاح فدعا عليهم بالعطش (٤) ورد العلامة الأبي رحمه الله في شرحه [٤/ ٤١١] هذه الأجوبة كلها بأن كفرهم نعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعطيشهم آل النبي صلى الله عليه وسلم ذنب عقوبته الأدب فغايته أن ترتب عليهم ذنب مع قتل والمذهب أنه إذا