للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أبِي بَكرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنهُ الْحَقّ

ــ

وجل قد شرح) وبسط (صدر أبي بكر) وقلبه (للقتال) أي لقتال مانعي الزكاة (فعرفت أنه) أي أن قتالهم هو الأمر (الحق) والرأي الصواب، ومعنى رأيت علمت وأيقنت، ومعنى شرح فتح ووسَّع وليَّن ومعناه علمت بأنه جازمٌ بالقتال لما ألقى الله عزَّ وجلَّ في قلبه من الطمأنينة لذلك واستصوابه ذلك، ومعنى قوله: عرفت أنه الحق أي بما أظهر من الدليل وأقامه من الحجة فعرفت بذلك أن ما ذهب إليه هو الحق لا أن عمر قلد أبا بكر رضي الله عنهما، فإن المجتهد لا يُقلد المجتهد، وقد زعمت الرافضة أن عمر رضي الله عنه إنما وافق أبا بكر تقليدًا، وبنوه على مذهبهم الفاسد في وجوب عصمة الأئمة، وهذه جهالة ظاهرة منهم والله أعلم. اهـ نواوي

قال الأبي: وإنما لم يمكن أنه قلده لأنه لا يحل لمجتهد أن يقلد غيره، لأنه ظنَّ نفسه أقوى لا سيما وقد قال: علمتُ، والمقلِّد غير عالم وإنما اشترط الروافض عصمة الإمام لأن الموجب عندهم لنصبه صون الأمة عن الخطأ، فإن لم يكن معصومًا لم يؤمن عليه الخطأ؛ فيفتقر إلى إمام وتسلسل، وعندهم أن الإجماع إنما كان حجة لاشتماله على قوله: فإذا أجمعت الأمة دل إجماعهم على حصول قوله معهم وإن لم يظهر، وقوله: حجة فيكون الإجماع حجة، وعندهم أن نصب الإمام واجب على الله؛ لأن نصبه لطف؛ ويجب على الله تعالى فعل اللطف، وكان لطفًا لأنه يوضح الدلائل ويدفع الشبهات ويحث على فعل الواجبات ويزجر عن المحرمات، وكل هذا مبني على قاعدة التحسين ووجوب الأصلح ولا يصحان عندنا، قال ابن التلمساني: وأقرب ما يرد به عليهم: أن المصلحة لا تظهر إلا بعصمة نوابه أيضًا وهم لا يشترطونها. اهـ

ويعني بالحق الذي علم: قتال مانعي الزكاة لا ردَّ سبي ذراري المرتدين لأنه لم يوافقه على سبيهم إلا في الظاهر لما يجب عليه من طاعة الإمام ولذا لما وُلِّى ردهم، ولو وافقه في الباطن لم يردهم لأن بموافقته انعقد الإجماع إذ لا مخالف غيره، وإذا انعقد الإجماع لم تجز مخالفته وهذا هو الحكم في أصول الفقه أن المجتهد إذا رأى غير ما أفتى به الإمام العدل المجتهد؛ وسكت اتباعًا له لما يلزمه من طاعته ثم فقد ذلك الإمام تعين على ذلك المجتهد أن يرجع إلى رأي نفسه لكن بعد تجديد النظر لاحتمال أن يتغير اجتهاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>