للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَهْرِكُمْ هذَا. وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ. فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كفارًا (أَوْ ضُلَّالًا) يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. فَلَعَلَّ

ــ

شهركم هذا) قال القرطبي: وهذا منه صلى الله عليه وسلم مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء وإغياء في التفسير عن الوقوع فيها لأنهم كانوا قد اعتادوا فعلها واعتقدوا حليتها كما تقدم في بيان أحوالهم وقبيح أفعالهم اهـ من المفهم وقال الحافظ في الفتح [١/ ١٥٩]: ومناط التشبيه في قوله كحرمة يومكم ظهوره عند السامعين لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتًا في نفوسهم مقررًا عندهم بخلاف الأنفس والأموال والأعراض فكانوا في الجاهلية يستبيحونها فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع اهـ منه (وستلقون) أي سترون (ربكم) يوم القيامة (فيسألكم عن أعمالكم) خيرها وشرها فيجازيكم عليها فخذوا عني دينكم واعتصموا به واحذروا ما أنتم عليه في الجاهلية من إراقة الدماء وسلب الأموال وطعن الأعراض قال القرطبي: معنى هذا الكلام إنكم ستقفون في العرض موقف من لقي ربه فحبس حتَّى تعرض عليه أعماله فيسأل عنها وهذا إخبار بمقام عظيم وأمر هائل لا يقدر قدره ولا يتصور هوله أصبح النَّاس عن التذكير فيه معرضين وعن الاستعداد له متشاغلين فالأمر كما قال في كتابه المكنون: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)} [ص / ٦٧، ٦٨] فنسأل الله تعالى من فضله أن يوقظنا من رقدتنا ويُنبهنا من غفلتنا ويجعلنا ممن استعد للقائه وكُفي فواجئ نقمه وبلائه والفاء من قوله: (فلا ترجعنَّ) للإفصاح والفعل بضم العين مسند إلى واو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين مع نون التوكيد الثقيلة ولا ناهية جازمة أصله فلا ترجعونن حذفت نون الرفع للجازم والواو لالتقاء الساكنين والمعنى إذا عرفتم ما ذكرته لكم وأردتم بيان ما هو النصيحة لكم فأقول لكم لا ترجعوا أي لا تصيروا (بعدي) أي بعد فراقي من هذا المجلس أو بعد وفاتي (كفارًا) أي مثل الكفار في إراقة دمائكم وسلب أموالكم وطعن أعراضكم (أو) قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أو الراوي فلا ترجعن بعدي (ضلالًا) جمع ضال وهو أعم من الكافر والشك من الراوي أو ممن دونه (يضرب بعضكم رقاب بعض) برفع يضرب على الصواب أي فيضرب وقيل بجزمه على كونه جوابًا للنهي (ألا ليبلغ الشاهد) أي الحاضر (الغائب) عن هذا المجلس (فلعل

<<  <  ج: ص:  >  >>