المقتتلتين (يَا رسول الله كيف أغرم) والغرم أداء شيء لازم قال في المصباح: غرمت الدية والدين وغير ذلك أغرم من باب تعب غرمًا بالضم ومغرمًا وغرامة اهـ أي كيف أغرم دية (من لا شرب) شرابًا أي جنينًا لم يشرب شرابًا (ولا أكل) طعامًا (ولا نطق) كلامًا (ولا استهل) أي ولا رفع صوتًا عند الولادة ليعرف أنَّه مات بعد أن كان حيًّا والاستهلال رفع الصوت عند الولادة (فمثل ذلك) الجنين الموصوف بما ذكر (يطل) بضم الياء وفتح الطاء على صيغة المجهول أي يهدر ولا يضمن يقال: طل دمه بضم الطاء إذا أهدر وطله الحاكم أهدره ويقال: أطله أَيضًا فطل هو وأطل مبنيين للمفعول كما في المصباح وذكر النووي رواية بطل بالباء بصيغة الماضي من البطلان وإنما غرم حمل بن النابغة زوج القاتلة لكونه من عصبتها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) في حمل بن النابغة: (إنما هذا من إخوان الكهان) أي من المتشبهين بهم يعني لمشابهة كلامه كلامهم في السجع وقوله: (من أَجل سجعه الذي سجع) إدراج من الراوي للتفسير والتعليل لقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم له ذلك الكلام والسجع هو تناسب آخر الكلمات في النثر لفظًا وأصله الاستواء وفي اصطلاح البديعيين الكلام المقفى بقافية مخصوصة في النثر والجمع أسجاع وأساجع.
قال ابن بطال: فيه ذم الكفار ومن تشبه بهم في ألفاظهم وقد تمسك به من كره السجع في الكلام وليس على إطلاقه بل المكروه منه ما يقع مع التكلف في معرض مدافعة الحق وأما ما يقع اتفاقًا بلا تكلف في الأمور المباحة فجائز وعلى ذلك يحمل ما ورد منه صلى الله عليه وسلم كذا في فتح الباري كتاب الطب [١٠/ ٢١٨] قال النووي: قال العلماء: إنما ذم سجعه لوجهين: أحدهما: أنَّه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله والثاني: أنَّه تكلفه في مخاطبته وهذان الوجهان من السجع مذمومان وأما السجع الذي كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقوله في بعض الأوقات وهو مشهور في الحديث فليس من هذا لأنه لا يعارض حكم الشرع ولا يتكلفه فلا نهي فيه بل هو حسن ويؤيد ما ذكرنا من التأويل قوله صلى الله عليه وسلم كسجع الأعراب فأشار إلى أن بعض السجع هو