وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرخص في الحدود وكانت تلك المرأة أيضًا تستعير المتاع وتجحده كما في الرواية الآتية (فقالوا) أي فقال أهلها: (من يكلم) لنا (فيها) أي في شأنها (رسول الله صلى الله عليه وسلم) ويشفع لنا إليه أن لا تقطع يدها إما عفوًا أو بفداء (فقالوا) أي فقال غير أهلها مجيبين لهم عن استفهامهم (ومن يجترئ) أي من يتجاسر (عليه) صلى الله عليه وسلم أي لا يتجاسر على الكلام في ذلك أحد لمهابته (إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) بكسر الحاء أي محبوبه وهو بالرفع بدل من أسامة أو عطف بيان له وأصحاب هذا القول غير الذين استفهموا بقولهم من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمعنى لكن أسامة بن زيد بن حارثة محبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجترئ على ذلك فإنه حبه صلى الله عليه وسلم وكان أسامة كما في الفتح إذا شفع بتخفيف الفاء شفَّعه بتشديدها أي قبل شفاعته (فكلمه) أي فكلم النبي صلى الله عليه وسلم (أسامة) في شأنها والعفو عنها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لأسامة والهمزة في قوله: (أتشفع) للتوبيخ المضمن للإنكار أي أتشفع إليَّ يا أسامة (في) إسقاط (حد من حدود الله) تعالى وتركه والعفو عنه (ثم قام) رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا (فاختطب) أي خطب لأن افتعل يأتي بمعنى الثلاثي والزيادة فيه حينئذٍ لمبالغة معنى الثلاثي كما شرحنا في المناهل وفي رواية للبخاري خطب (فقال) في خطبته: يا (أيها الناس إنما أهلك) على وزن أفعل أي إنما أهلك الأمم (الذين) كانوا (قبلكم) يعني بني إسرائيل (أنهم كانوا) بفتح الهمزة في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية لأهلك وهذا الحصر ادعائي لأن الأمم الماضية كانت فيهم أمور كثيرة غير المحاباة في حدود الله تعالى اهـ ابن الملك وفي رواية سفيان عند النسائي (إنما هلك بنو إسرائيل أنهم) أي لأجل أنهم بتقدير اللام التعليلية على هذه الرواية (إذا سرق فيهم الشريف) أي من له شرف وفضل عندهم (تركوه) أي تركوا ذلك الشريف أي تركوا إقامة الحد عليه