للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال لَهُ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي. يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَطَبَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ. ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ، تَرَكُوهُ. وَإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيهِ الْحَدَّ. وَإِنِّي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ

ــ

وجب وذكر الخطابي وغيره عن مالك أنه فرق بين من عرف بأذى الناس ومن لم يعرف فقال لا يشفع للأول مطلقًا سواء بلغ الإمام أو لا وأما من لم يعرف بذلك فلا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام وأما الشفاعة فيما ليس فيه حد وليس فيه حق لآدمي وإنما فيه التعزير فجائزة عند العلماء بلغ الإمام أم لا اهـ من المفهم.

(فقال له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أسامة) بن زيد (استغفر لي يا رسول الله) ذنب تشفعي فيما لا علم لي به (فلما كان العشيُّ) أي جاء العشي الذي هو آخر النهار (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب) أي وعظ الناس وخطبهم (فأثنى على الله) تعالى في بداية خطبته بعد البسملة أي مدحه (بما هو) أي بالوصف الذي هو (أهله) أي لائق به تعالى من الكمالات الخاصة به (ثم) ثناء الله تعالى (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما بعد) ما ذكر من الثناء على الله تعالى فأقول: (فإنما أهلك الذين) مفعول مقدم على الفاعل أي فإنما أهلك الأمم الذين كانوا (من قبلكم) وجملة أن في قوله: (أنهم كانوا) في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية أي أهلكهم كونهم (إذا سرق فيهم الشريف تركوه) أي سامحوه من إقامة الحد عليه (وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) فيه تهديد ووعيد شديد على ترك القيام بالحدود وعلى ترك التسوية فيما بين الدني والشريف والقوي والضعيف ولا خلاف في وجوب ذلك وفيه حجة لمن قال إن شرع من قبلنا شرع لنا اهـ من المفهم (وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت) على سبيل الفرض وتقدير المحال ولهذا زاد ابن ماجه [٢/ ٨٥] في آخر هذا الحديث نقلًا عن شيخه محمد بن رمح قال: سمعت الليث بن سعد يقول قد أعاذها الله عزَّ وجلَّ أن تسرق وكل مسلم ينبغي له أن يقول هذا وفيه فضيلة ظاهرة لفاطمة رضي الله عنها لأن المعتاد في مثل هذا أن يذكر من هو أحب إلى القائل من غيره ثم فيه حسن المماثلة أيضًا لموافقة اسم السارقة اسمها رضي الله تعالى عنها فناسب أن يضرب المثل

<<  <  ج: ص:  >  >>