لمنصور بن زاذان في الرواية عن الحسن البصري (قال) عبادة: (كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه) الوحي أي إذا أنزل الله سبحانه عليه الوحي (كرب) بضم الكاف على صيغة المجهول أي أصابه الكرب والمشقة (لذلك) أي لإنزال الوحي عليه (وتربد) من باب تفعل الخماسي أي تغير (له) أي لإنزال الوحي عليه (وجهه) من البياض إلى الحمرة لشدة الوحي وعظم موقعه قال النووي: تربد وجهه أي علته غبرة والربد تغير البياض إلى السواد وإنما حصل ذلك لعظم موقع الوحي قال الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)} (قال) عبادة بن الصامت: (فأنزل عليه) صلى الله عليه وسلم الوحي (ذات يوم) أي يومًا من الأيام ولفظ ذات مقحم (فلقي كذلك) والظاهر أنه بفتح اللام مبنيًّا للمعلوم والمراد أنه صلى الله عليه وسلم لقي تلك الشدة التي كان يلقاها عادة عند نزول الوحي عليه وفي بعض النسخ مبنيًّا للمجهول أي رئي مكروبًا مربدًا وجهه والمراد أن تلك الشدة لقيته صلى الله عليه وسلم (فلما سرِّي عنه) أي كشف عنه وأزيل ما يراه من شدة الوحي والتسرية تستعمل بمعنى انكشاف الغشي وانتهاء الشدة وانقشاع السحب (قال) صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني) أي افهموا عني تفسير السبيل المذكور في قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} واعملوا به (فقد جعل الله) تعالى (لهن سبيلًا) أي حدًّا وذلك التفسير ما أذكره لكم بقولي: (الثيب) الزاني (بالثيب) أي وبالبكر (والبكر) الزاني (بالبكر) أي وبالثيب وكل من الثيب والبكر مبتدأ خبره محذوف تقديره أي حد لكل منهما مبين على سبيل اللف والنشر المرتب بقولي: (الثيب) حده (جلد مائة ثم رمي بالحجارة) والتقييد بالحجارة للاستحباب ولو رجم بغيرها جاز وهو شبيه بالتقييد بها في الاستنجاء اهـ (والبكر) حده (جلد مائة ثم نفي سنة) قال القرطبي: وذلك أن مقتضى هذه الآية أن من زنى حبس في بيته إلى أن يموت كذا قاله ابن عباس في النساء وحكي عن ابن عمر أن ذلك حكم الزانيين يعني الرجل والمرأة فكان ذلك الحبس هو حد الزناة لأنه كان يحصل به إيلام الجاني وعقوبته بأن يمنع من التصرف والنكاح وغيره طول حياته وذلك عقوبة وزجر كما يحصل من الجلد والتغريب