الزنا وهذا غير مراد لأن حد الزنا لا يحتاط له بالتجسس والتفتيش عنه بل لو أقرّ به الزاني استحب أن يلقّن الرجوع وفي هذا دليل على جواز استنابة الحاكم في القضاء وإقامة الحدود واستدلّ الشافعي ومالك بهذا الحديث أن الإقرار بالزنا يوجب الحدّ وإن كان مرة واحدة ولا يجب أن يكون أربع مرات.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ١١٥]، والبخاري [٢٣١٤]، وأبو داود [٤٤٤٥]، والترمذي [١٤٣٣]، والنسائي [٨/ ٢٤١ و ٢٤٢]، وابن ماجه [٣٥٤٩].
قال القرطبي: وفي هذا الحديث أبواب من الفقه فمنها أن كل صلح خالف السنة فهو باطل ومردود وأن الحدود التي هي ممحضة لحق الله تعالى لا يصح الصلح فيها واختلف في حد القذف هل يصح الصلح فيه أم لا ولم يختلف في كراهته لأنه ثمن عرض ولا خلاف في أنه يجوز قبل رفعه وأما حقوق الأبدان من الجراح وحقوق الأموال فلا خلاف في جوازه مع الإقرار واختلف في الصلح على الإنكار فأجازه مالك ومنعه الشافعي وفيه جواز استنابة الحاكم في بعض القضايا من يحكم فيها مع تمكنه من مباشرته وفيه أن الإقرار بالزنا لا يشترط فيه تكرار أربع مرات ولا أن المرجوم يجلد قبل الرجم وقد تقدم الخلاف فيهما وفيه أن ما كان معلومًا من الشروط والأسباب التي تترتب عليها الأحكام لا يحتاج إلى السؤال عنها فإن إحصان المرأة كان معلومًا عندهم فإنها كانت ذات زوج معروف الدخول عليها وعلى هذا يحمل حديث الغامدية إذ لو لم تكن محصنة لما جاز رجمها بالإجماع وفيه إقامة الحاكم الحد بمجرد إقرار المحدود وسماعه منه من غير شهادة عليه وهو أحد قولي الشافعي وأبي ثور ولا يجوز ذلك عند مالك إلَّا بعد الشهادة عليه وانفصل عن ذلك بأنه ليس في الحديث ما ينصق على أنها لم يسمع إقرارها إلّا أنيس خاصة بل العادة قاضية بأ مثل هذه القضية لا تكون في خلوة ولا ينفرد بها الآحاد وفيه دليل على الاستفتاء والفتيا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع إمكان الوصول إليه وجواز استفتاء المفضول مع وجود الأفضل ولو كان ذلك غير جائز لأنكره النبي صلى الله عليه وسلم وفيه دليل على جواز اليمين بالله تعالى وإن لم يستحلف وعلى أن ما يفهم منه اسم الله يمين جائزة وإن لم يكن من أسمائه تعالى فإن قوله: (والذي نفسي بيده) ليس من أسماء الله تعالى ولكنه تنزل منزلة الأسماء في الدلالة فيلحق