زناها) بعلم السيد أو رؤيته عند الجمهور أو بالبينة عند أبي حنيفة (فليبعها) أي مع بيان حالها للمشتري لأنه عيب والإخبار بالعيب واجب فإن قيل كيف يكره شيئًا ويرتضيه لأخيه المسلم فالجواب لعلها تستعف عند المشتري بأن يعفها أو يصونها بهيبته أو بالإحسان إليها والتوسعة عليها أو يزوجها أو غير ذلك اهـ نووي وهذا الأمر للاستحباب عند الجمهور خلافًا لأبي ثور وداود الظاهري فإنهما يحملانه على الوجوب (ولو) كان بيعها (بحبل من شعر) أي وإن كان ثمنها قليلًا فوصف الحبل بكونه من شعر لأنه أكثر حبالهم وهذا خرج مخرج التقليل والتزهيد في الجارية الزانية فكأنه قال: لا تمسكها بعها بما تيسر ففيه دليل على إبعاد أهل المعاصي واحتقارهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٢١٥٣]، وأبو داود [٤٤٧٠].
(فروع) إذا باعها عرّف بزناها فإنه عيب فلا يحل أن يكتم فإن قيل: إذا كان مقصود هذا الحديث إبعاد الزانية ووجب على بائعها التعريف بزناها فلا ينبغي لأحد أن يشتريها لأنها مما قد أمرنا بإبعادها فالجواب أنها مال ولا يضاع للنهي عن إضاعة المال ولا تسيب ولا تحبس دائمًا إذ كل ذلك إضاعة مال ولو سيبت لكان ذلك إغراءً لها بالزنا وتمكينًا منه فلم يبق إلا بيعها ولعل السيد الثاني يعفها بالوطء أو يبالغ في التحرز بها فيمنعها من ذلك وعلى الجملة فعند تبدل الأملاك تختلف عليها الأحوال وجمهور العلماء حملوا الأمر ببيع الأمة الزانية على الندب والإرشاد للأصلح ما خلا داود وأهل الظاهر فإنهم حملوه على الوجوب تمسكًا بظاهر الأمر والجمهور صرفوه عن ظاهره تمسكًا بالأصل الشرعي وهو أنه لا يجبر أحد على إخراج ملكه لملك آخر بغير الشفعة فلو وجب ذلك عليه لأجبر عليه ولم يجبر عليه فلا يجب.
وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث جواز البيع بالغبن قال لأنه بيع خطير بثمن يسير وهذا ليس بصحيح لأن الغبن المختلف فيه إنما هو مع الجهالة من المغبون وأما مع علم البائع بقدر ما باع وبقدر ما قبض فلا يختلف فيه لأنه من علم منه ورضًا فهو إسقاط لبعض الثمن وإرفاق بالمشتري لا سيما وقد بينا أن الحديث خرج على جهة التزهيد وترك الغبطة اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال: