وهي قوله تعالى:{فَإِنْ أَتَينَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ذكر في التفاسير أن المراد بالفاحشة الزنا وبالمحصنات الحرائر وبالعذاب الجلد لا الرجم لأنه لا ينصف وسواء فيها كونها منكوحة أو غير منكوحة. والحكم في زنى العبد كالأمة عرف ذلك بدلالة النص قال القرطبي: قوله: (فليجلدها) أمر للسيد بجلد أمته الزانية وعبده وبه قال الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء خلا أهل الرأي أبا حنيفة وأصحابه فإنهم قالوا: لا يقيم الحد إلا السلطان وهذه الأحاديث النصوص الصحيحة حجة عليهم وفي معنى حد الزنى عند الجمهور سائر الحدود غير أنهم اختلفوا في حد السرقة وقصاص الأعضاء فمنع مالك وغيره إقامة السيد ذلك مخافة أن يمثل بعبده ويدعي أنه سرق وأقام الحد عليه فيسقط العتق الواجب بالمثلة (قلت): وعلى هذا لو قامت بينة توجب حد السرقة أقامه قاله بعض أصحابنا: إذا قامت البينة على السرقة وقال الشافعي: يقطع السيد عبده إذا سرق (قلت): وعلى هذا فله أن يقتل عبده إذا قتل لكن إذا قامت البينة (ولا يثرِّب عليها) أي بعد الحد فإنه كفارة لذنبها وإنما صرح بالنهي عن التثريب بعدما أمر بجلدها لأن الزناة قبل أن يشرع الحد كان التثريب حدًّا لهم اهـ من المبارق أي لا يوبخ ولا يعير ولا يكثر من اللوم عليها فإن الإكثار من ذلك يزيل الحياء والحشمة ويجرئ على ذلك الفعل وأيضًا فإن العبد غالب حاله أنه لا ينفعه اللوم والتوبيخ ولا يؤثر فيه فلا يظهر له أثر وإنما يظهر أثره في حق الحر ألا ترى قول الشاعر:
واللوم للحر مقيم رادع ... والعبد لا يردعه إلا العصا
وأيضًا فإن التوبيخ واللوم عقوبة زائدة على الحد الذي نص الله تعالى عليه فلا ينبغي أن يلتزم ذلك ولا يدخل في ذلك الوعظ والتخويف بعقاب الله تعالى والتهديد إذا احتيج إلى ذلك إذ ليس بتثريب ولأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم قد قالوا لشارب الخمر: أما اتقيت الله أما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم إن زنت) المرة الثانية (فليجلدها الحد ولا يثرب عليها) قال ابن الملك فيه إشعار بأن الحد إذا أقيم ثم إن زنت تكرر الحد فيفهم منه أنها إذا زنت مرات ولم تحد يكتفى بحد واحد اهـ.
قال السنوسي: عبر بإذا في الأول دون إن لأن زنا الإماء كان كثيرًا ولما كان تكرار الزنا منهن بعد الحد قليلًا عبر هنا بإن في قوله: ثم إن زنت اهـ (ثم إن زنت الثالثة فتبين