رضي الله عنه غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة هشام لشعبة (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم جلد في) شرب (الخمر بالجريد) أي بسعف النخل المجرد عن الخوص (والنعال) أربعين كما في بعض الروايات (ثم جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر) وكان تامة والكلام على حذف مضاف أي فلما وقع ووجد زمن خلافة عمر (ودنا الناس) أي قربوا (من) مواضع (الريف) والخصب (و) سكنوا (القرى) ومواضع الكروم والنخيل والريف المواضع التي فيها الزروع والثمار والخصب والمياه أو هي قريبة منها يجمع على أرياف يقال: أرافت الأرض رباعيًّا أي أخصبت ورافت الماشية إذا رعت الريف وأريفنا أي صرنا إلى الريف اهـ من الصحاح والمعنى لما كان زمن عمر وفتحت الشام والعراق وسكن الناس في الريف ومواقع الخصب وسعة العيش وكثرت عندهم الثمار والكروم ظهر في الناس شرب الخمر وأكئروا منه شاور عمر الصحابة في التشديد في العقوبة عليها و (قال) لهم: (ما ترون في جلد) شارب (الخمر) من الرأي في تقدير حده فتفاوضوا في ذلك واتفقوا على إلحاقه بحد القذف (فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها) أي أن تجعل عقوبة شرب الخمر (كأخف الحدود) المنصوص عليها في القرآن وهي حد السرقة بقطع اليد وحد الزنا جلد مائة وحد القذف ثمانون وهذا أخفها فاجعله مثله (قال) أنس (فجلد عمر) شاربها (ثمانين) جلدةً قياسًا على حد القذف وقد جاء في الموطإ أن عمر لما استشارهم في ذلك قال علي: نرى أن تجلده ثمانين فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى أي قذف الناس فصرح بكيفية الإلحاق وحاصلها راجع إلى أنه أقام السكر مقام القذف لأنه لا يخلو عنه غالبًا فأعطاه حكمه فكان هذا الحديث من أوضح حجج القائلين بالقياس والاجتهاد إذ هذه القضية بنص منهم على ذلك وهم الملأ الكرام وقد انتشرت القضية في ذلك الزمان وعمل عليها في كل مكان ولم يتعرض بالإنكار عليها إنسان مع تكرر الأعصار وتباعد الأقطار فكان ذلك إجماعًا على صحة العمل بالقياس الذي لا ينكره إلا الأغبياء من الناس وقد أورد بعض من يتعاطى العلم