واستدل الأئمة الثلاثة والجمهور القائلون باعتبار الشاهد مع اليمين بحديث الباب وبان هذا المعنى قد روي عن جمع من الصحابة بطرق كثيرة استوعبها البيهقي في سننه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [٣٦٠٨]، والنسائي في الكبرى [٦٠١١ و ٦٠١٢] وابن ماجة [٢٣٠٧].
قال القرطبي: ثم أحاديث هذا الباب كلها حجة للجمهور على الكوفيين والأوزاعي والنخعي وابن أبي ليلى والزهري والليث والحكم والشعبي حيث نفوا الحكم بالشاهد واليمين ونقضوا حكم من حكم به وبدعوه وقال الحكم: الشاهد واليمين بدعة وأول من حكم به معاوية.
(قلت): يا للعجب ولضيعة العلم والأدب كيف رد هؤلاء القوم هذه الأحاديث مع صحتها وشهرتها وكيف اجترؤوا على تبديع من عمل بها حتَّى نقضوا حكمه واستقصروا علمه مع أنَّه قد عمل بذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم أبو بكر وعمر وعلي وأبي بن كعب ومعاوية وشريح وعمر بن عبد العزيز وكتب به إلى عماله وإياس بن معاوية وأبو سلمة بن أبي عبد الرحمن وأبو الزناد وربيعة ولذلك قال مالك: إنه ليكفي من ذلك ما مضى من السنة أترى هؤلاء تنقض أحكامهم ويحكم ببدعتهم.
قالوا: والذي حمل هؤلاء المانعين على هذا اللجاج ما اغتروا به من واهن الحجاج وذلك أنهم وقع لهم أن الحكم باليمين مع الشاهد زيادة على نص قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَينِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} ووجه تمسكهم أنها حاصرة للوجوه التي يستحق به المال نص في ذلك والزيادة على ذلك نسخ ونسخ القاطع بخبر الواحد لا يجوز إجماعًا والقضاء بالشاهد واليمين إنما جاء بخبر الواحد فلا يقبل والجواب منع كون الزيادة على النص نسخًا إذ الجمع بين النص والزيادة يصح وليس ذلك نسخًا لحكم شرعي ولو سلمناه لا نسلم أن الآية نص في حصر ذلك لأن ذلك يبطل بنكول المدعى عليه ويمين المدعي فإن ذلك يستحق به المال إجماعًا اهـ من المفهم ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها فقال.
٤٣٣٩ - (١٦٥٧)(٣) (حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا أبو معاوية عن