للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِمَّنْ رُزِقَ فِيهِ بَعْضُ التَّيَقُّظِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِأَسْبَابِهِ وَعِلَلِهِ، فَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ يَهْجُمُ

ــ

(مِمَّنْ رُزِقَ) وأُعْطِيَ (فيه) أي: في هذا العلم (بعضَ التيقُّظِ والمعرفةِ)، أو الكائن ذلك الخاصّ ممَّن رُزِقَ وأُعْطِيَ في هذا العلم شيئًا من التيقُّظ والتنبُّه على غوامضه، وشيئًا من المعرفة والإِدراك (١) (بأسبابهِ وعِلَلِه) أي: بأسباب هذا العلم وعِلَلِه (٢).

والمرادُ بـ (أسبابه): الواقعةُ التي وَرَدَ فيها الحديثُ، والمرادُ بـ (عِلَلِه): أسبابٌ خَفِيَّةٌ تقتضي ضَعْفَ الحديثِ مع أَن ظاهرَه السلامةُ منها، وتَقَعُ تارةً في الإسناد وهو الأكثرُ، وتارةً في المتن.

قال ابنُ الصلاح: (معرفةُ عِلَلِ الحديثِ من أَجَلِّ علوم الحديث وأَدَقِّها وأَشْرَفِها، وإِنما يَضْطَلعُ بذلك أهلُ الحِفْظِ والخِبْرَةِ والفَهْمِ الثاقب) اهـ (٣)

وسيأتي بيانُ حقيقة المُعَلَّل وبيانُ كونِ جَمْعِ طُرُقِ الحديث يُسْتَعَانُ به على معرفة عِلَلِه.

(فذلك) الخاصُّ الذي رُزِقَ فيه بعضَ التيقُّظِ والمعرفةِ، وفي "السنوسي": (الإِشارةُ إِمَّا راجعة إِلى مَنْ رُزِقَ بعضَ التيقُّظ أو إِلى خاصَّةٍ من الناس بتأويله يالمذكور) (٤).

(إنْ شاءَ اللهُ) سبحانه وتعالى هُجُومَه على الفائدة، وعَلَّقَ بالمشيئة؛ امتثالًا للآية السابقة.

(يَهْجُمُ) بضم الجيم من باب دخل؛ أي: يُقْدِمُ ويقع، وفي "المختار":


(١) قال السنوسي: (قولُه: ممَّنْ رُزِقَ بعضَ التيقُّظ" بيانٌ للناس أو لخاصَّة، فمِنْ لبيان الجنس؛ أي: الذين رُزقوا، فعَلَى أنها بيانٌ للناس: لا يكون كُل مَنْ رُزِقَ بعضَ التيقُّظ ينفعه الاستكثارُ، عامًّا لكُل مَنْ رُزِقَ بعضَ التيقُّظ". "مكمل إِكمال الإِكمال" (١/ ٨).
(٢) قال السنوسي: (والضميرُ في "أسبابه وعِلَلِه" يعودُ على السقيم، وَيصِحُّ عَوْدُ الضمير في أسبابهِ على التيقُّظ، إلا أنه يلزم عليَه تفكيك الضمائر؛ إِذ الضميرُ في عِلَلِه لا يَصِحُّ فيه ذلك). (المصدر السابق).
(٣) "علوم الحديث" (ص ٨١) في النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلَّل.
(٤) "مكمل إكمال الإِكمال" (١/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>