وقولُه:(في الاستكثارِ) متعلِّقٌ بـ (يُرْجَى)، أو بمحذوفٍ صفةِ لـ (المنفعة) على أَنَّ أَلْ في (المنفعة) جنسيةٌ، فهو بمنزلة النكرة، والسينُ والتاءُ في (الاستكثار) زائدتان أو للطلب؛ أي: وا نما يُرْجَى حصولُها في الاستكثار (من هذا الشَّأْنِ) والفنِّ، يعني: عِلْمَ الحديث.
قال النوويُّ:(والمرادُ من عِلْم الحديث: تحقيقُ معاني المتون، وتحقيقُ علم الإِسناد، ومعرفةُ المُعَلَّل منه، لا مُجرَّدُ السماع والإِسماع والكتابة، والمرادُ بالإِكثارِ منه: الاعتناءُ بتحقيقه، والبحثُ عن خَفِيِّ معاني المتون وعِلَلِ الأسانيد، والفِكْرُ في ذلك، ودوامُ الاعتناء به، ومراجعةُ أهل المعرفة به، ومطالعةُ كُتُبِ أهل التحقيق فيه، وتقييدُ ما حَصَّلَ من نفائسه وغيرها، فيحفظُها الطالب بقَلْبِه، ويُقَيِّدُها بالكتابة، ثم يُدِيمُ مطالعةَ ما كتَبَه، ويتحرَّى التحقيق فيما يكتبُه ويَتَثبَّتُ فيه، فإنه فيما بعد ذلك يصيرُ معتمدًا عليه، ويُذَاكِرُ بمحفوظاته مِنْ ذلك منْ يشتغل بهذا الفنّ، سواءٌ كان مِثْلَه في المرتبة أو فوقَه أو تحتَه؛ فإنَّ بالمذاكرة يثبتُ المحفوظ ويتحرَّرُ ويتأكدُ ويتقرَّرُ ويزدادُ بحسب كثرة المذاكرة، ومذاكرةُ حاذِقٍ في الفن ساعةً أنفعُ من المطالعة والحفظ ساعاتٍ بل أيامًا.
ولْيَكُنْ في مُذاكراتِه متحرِّيًا الإِنصافَ، قاصدًا الاستفادةَ أو الإفادةَ، غيرَ مُتَرَفِّعٍ على صاحبه بقَلْبه ولا بكلامه، ولا بغير ذلك من حالهِ، مُخَاطِبًا له بالعبارةِ الجميلةِ اللّينةِ، فبهذا ينموَ عِلْمُه، وتَزْكُو محفوظاتُه، والله أعلم) اهـ (١)
وقوله:(وجَمْعِ المُكَرَّرات) معطوفٌ على (الاستكثار).
وقوله:(منه) أي: من هذا الشأن والعلم.
وقولهُ:(لخاصَّةٍ من الناس) متعلِّقٌ بـ (يُرْجَى) أي: وإِنما يُرْجَى حصولُ بعض المنفعةِ والفائدةِ في الاستكثار من هذا العلم وفي جميع الأحاديث المُكَرَّرات منه لخاصَّةٍ من الناس الذي هو ضدُّ العامة، وبيَّنَ الخاصَّةَ بقوله: حالة كون الخاصَّة