(ويكره لكم قيل وقال) هكذا الرواية التي لا يعرف غيرها على أنهما مفعول به محكي لـ (يكره) لأن الأول في أصله ماض مغير الصيغة والثاني ماض مبني للفاعل أي نهاكم عن قولكم لفظة قيل كذا وكذا ولفظة قال فلان وكذا وكذا قال القرطبي ومعناه أن الله تعإلى حرم عليكم الخوض في الباطل وفيما لا يعني من الأقوال وحكايات أحوال الناس التي لا يسلم فاعلها من الغيبة والنميمة والبهتان والكذب ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كانت النار أولى به انظره في كشف الخفاء [٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥] اهـ من المفهم قال النووي: والمراد منه الخوض في أخبار الناس وحكايات ما لا يعني من أحوالهم وتصرفاتهم واختلفوا في حقيقة هذين اللفظبن علي قولين أحدهما أنهما فعلان ماضيان الأول مبني للمفعول والثاني للفاعل ولكنهما مفعول به محكي لـ (يكره) والثاني أنهما اسمان مجروران على رواية من رواه (ونهى عن ثلاث وقال) كما سيأتي في الرواية الأخيرة من حديث المغيرة بن شعبة لأن القيل والقال والقول والقالة كله مصدر لقال يقال فيه ذلك كله ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا} ومنه قولهم كثرة القيل والقال (و) يكره لكم (كثرة السؤال) قال النووي: المراد به التنطع في المسائل الفقهية والإكثار من السؤال عما لا يقع ولا تدعو إليه حاجة وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك وقيل المراد كثرة سؤال الإنسان عن حاله وتفاصيل أمره فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه ويتضمن ذلك الحرج في حق المسؤول فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله فإن أخبره شق عليه وإن كذبه في الإخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقة وإن أهمل جوابه ارتكب سوء الأدب اهـ (و) يكره لكم (إضاعة المال) هو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف وسبب النهي أنَّه إفساد والله لا يحب المفسدين ولأنه إذا ضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس اهـ نووي ولعل مناسبة هذا بما قبله من كثرة السؤال والقيل والقال أن الوقت من أعز متاع الإنسان فلو ضيعه في ما لا فائدة فيه من فضول الكلام فإنه أشد من إضاعة المال قال القرطبي (وإضاعة المال) إتلافه وإهلاكه كما قد حكي عن بعض جهال المتزهدة أنَّه رمى مالًا كان عنده وحرق آخر منهم كتب علم الحديث كانت عنده وربما أمر بهذا بعض الشيوخ الجهال وهذا محرم بإجماع الفقهاء ويلحق بإتلاف عينه منع صرفه في وجوهه من مصالح دنياه ودينه مما يفعله أهل البخل ودناءة الهمم يدخرون المال ويكثرونه ولا ينفعون نفوسهم بإنفاق شيء منه ولا يصونون به