للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى! .

قَال: قَال أَبُو هُرَيرَةَ: وَالله، إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إلا يَؤمَئِذٍ. مَا كُنَّا نَقُولُ إلا الْمُدْيَةَ

ــ

إذا وصل بما بعده توهم السامع أنَّه دعاء عليه وهو دعاء له وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال لرجل سمعه يقول مثل ذلك القول: لا تقل هكذا وقل: يرحمك الله لا (قلت) وقد يزول ذلك الإبهام بزيادة واو فيقال: (لا ويرحمك الله) (فقضى) سليمان (به) أي بالولد (للصغرى) منهما لما رأى من جزعها على ابنها الدال على عظيم الشفقة ولم يلتفت إلى إقرارها بأنه ابن للكبرى لأنه علم أنها آثرت حياته فظهر له من قرينة شفقة الصغرى وعدمها في الكبرى مع ما انضاف إلى ذلك من القرينة الدالة على صدقها ما هيج على الحكم للصغرى ويحتمل أن يكون سليمان - عليه السلام - ممن يسوغ له أن يحكم بعلمه أو تكون الكبرى في تلك الحالة اعترفت بالحق لما رأت من سليمان الجد والعزم في ذلك أولما رأت من الصغرى إيثار الحياة لابنها فقضى سليمان حينئذٍ بإقرارها وأما أنَّه كيف جاز لسليمان - عليه السلام - نقض حكم داود مع أنَّه كان حكمًا من مجتهد فقد أجاب عنه العلماء بأجوبة مختلفة منها أنَّه يحتمل أن يكون في شرعهم فسخ الحكم إذا رفع إلى قاض آخر يرى خلافه ومنها أن يكون داود - عليه السلام - لم يجزم بحكمه وإنما أبدى رأيًا ثم بعثهما إلى سليمان - عليه السلام - وأحسن الأجوبة عندهم ما ذكره النووي في الأخير أن سليمان لم يرد نقض الحكم وإنما احتال لاستكشاف حقيقة الأمر فلما تبين الحق اعترفت الكبرى بأن الابن لصاحبتها فعمل بإقرارها فإن الإقرار ملزم ولو كان بعد الحكم بخلافه والله سبحانه أعلم.

(قال) الأعرج (قال أبو هريرة: والله إن سمعت) أي ما سمعت فإن نافية بمعنى ما (بـ) ـلفظة (السكين قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (إلا يومئذٍ) أي إلَّا يوم إذ حدث لنا النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصة (ما كنا نقول) لآلة القطع (إلا المدية) أي لفظ المدية بضم الميم وفتحها وكسرها سميت به لأنها تقطع مدى حياة الحيوان كما أن السكين تقطع حركة الحيوان والعجيب من أبي هريرة هل ما قرأ سورة يوسف وهي مكية وإسلامه متأخر كان في عام خيبر والله أعلم.

وفي هذا الحديث أن الأنبياء عليهم السلام سوغ لهم الحكم بالاجتهاد وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>